بينت مجريات جلسة مجلس الوزراء امس والتي انعقدت برئاسة رئيس الحكومة مدى اتساع الشرخ الحاصل بين مكوناتها، حيث يرقد جمر الخلافات تحت رماد «ربط النزاع القائم» اقله بين بقايا كل من الثامن والرابع عشر من آذار، في ظل الخلافات حول كل المواضيع من سلسلة الرتب والرواتب والتي ترددت اصداء كلام رئيس مجلس النواب حولها في ارجاء القاعة الحكومية، او اعادة ربط ما انقطع مع الحكومة السورية علنا، او الحديث عن ضرورة اقرار العملية العسكرية في مجلس الوزراء ذلك ان سلطة المجلس الاعلى للدفاع لا تعدو كونها تنسيقية فيما القرار السياسي محصور في الحكومة، ليتظهر خيط رفيع يربط بين كل تلك الامور.
فبين الزيارة الشخصية المبررة لدمشق، ورحلات العمل ذات التمثيل الرسمي، انقسم الوزراء حول طاولة الحكومة في جدل انتهى من حيث بدأ، مع التزام كل وزير بسياسة حزبه بعيدا عن النأي بالنفس الذي اصر عليه رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي طلب شطب كل ما تم تداوله حول هذا الكلام من محضر الجلسة بعد ان كاد يفقد زمام ادارة الجلسة وضبط ايقاعها خلافا لما كان يحصل في بعبدا، وهو ما دفع باحد الوزراء المحسوبين عليه الى القول ان ما حصل كان مدبرا ومقصودا بهدف اظهار الرئاسة في موقع الضعيف.
ايا يكن، فان مصادر مطلعة على مجريات التطورات اشارت الى ان ما شهدته جلسة الحكومة من توتر، انما يعود في اساسه الى ما آلت اليه المفاوضات في ملف انسحاب «سرايا احرار الشام» من منطقة مدينة الملاهي وادي حميد، مع وضع الحكومة السورية العقبات امام اتمام تلك الصفقة في اللحظات الاخيرة،والتي عمل عليها حزب الله منذ فترة والتي وضعت خطوطها العريضة قبيل معركة جرود عرسال، والتي على اساسها لعبت «السرايا» الدور الذي طلب منها بدقة.
وتتابع المصادر انه مع نجاح الجيش اللبناني خلال الاسبوع الماضي من انهاء مهمته في السيطرة على التلال المشرفة على الممرات التي قد يستعملها مسلحو «داعش» في حال قرروا التسلل في اتجاه بلدة عرسال، محكما الطوق على منطقة انتشار «تنظيم الدولة»، وبعد ان باتت المرتفعات المطلة على مخيمات الملاهي ووادي حميد تحت سيطرته، بات تواجد عناصر السرايا «عبئا»، ما دفع الى فتح قنوات التواصل مع قياداتها لسحبها، وتم الاتفاق على ان تنجز العملية مع صباح الثلاثاء.
غير ان الخلافات بين مجموعات «السرايا»، التي حصلت على اذن وموافقة الطرف اللبناني، من حكومة وحزب الله،بالانسحاب مع كامل عتادها باتجاه الداخل السوري، بما مجموعه 400 مسلح مع عائلاتهم التي قدرت ب 3000 نازح، بعدما سبق ان غادرت مجموعتين قبيل معركة الجرود، سمحت للحكومة السورية بالتراجع الجزئي عن موافقتها، ما دفع بوفد من اهالي عرسال الى زيارة قيادة حزب الله في البقاع طالبا اليها الضغط لاصدار مراسيم عفوسورية تمهد لاقفال الملف نهائيا.
وفي التفاصيل ان الانقسام حاليا هو بين وجهتا نظر،الاولى معارضة لبنود الاتفاق مع الحكومة السورية الذي لا يعطيها ضمانات كافية ويضمن سلامتها، مطالبة برعاية الامم المتحدةوحمايتها لاي اتفاق ينتقلون بموجبه الى منطقة آمنة في القلمون الغربي. وضم تلك المجموعة اشخاص رفضت الحكومة السورية عودتهم مطالبة اياهم بتسليم انفسهم للقضاء لمحاكمتهم لارتكابهم جرائم حرب من وجهة نظر دمشق.
اما وجهة النظر الثانية فتتمثل في قبول مجموعة من «السرايا» التجاوب مع عرض الوسيط السوري محمد رحمة المعروف بابو طع العسالي، والذي تقوم مبادرته على انسحاب السرايا الى بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي، فيما يعود من يقبل بالمصالحة شرط موافقة الحكومة السورية الى القلمون الغربي، وهو ما ولد خشية ايضا من كمين ينصب لهم يقضي بتجميعهم في الرحيبة تمهيدا لضربهم والاجهاز على تلك البؤرة المعارضة في اطار مسلسل التسويات الجاري، علما ان تلك البلدة محاصرة من قبل الجيش السوري.
ازاء ذلك تكشف المصادر ان الحكومة السورية تحاول الضغط من هذا الباب لقبول الحكومة اللبنانية الى علاقات علنية مع الحكومة السورية، في ظل الحملة التي يتعرض لها الجيش من اليمين واليسار لزجه في معركة بشروط وتوقيت تفرض عليه، وهو ما ترفضه قيادته رافضة استفزازها في هذا المجال.
في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة حسم وترحيب بضرورة فتح طريق بيروت – الشام، وفي القصر الحكومي انقسام واضح بين الحلفاء الخصوم، وبينهما عودة للبعض الى خطاب التوصيف بين عميل ووطني وفقا لمعيار عدد مرات عبور نقطة المصنع، فيما ينتظر في الجرود آلاف العائلات والمسلحين انجاز الترتيبات لاعلان منطقة جرود عرسال لبنانية 100% ليكتمل الانتصار الذي سعى حزب الله لانجازه.
مجلس الوزراء : لعدم توريط لبنان في المحاور
أيّ وزير يذهب بصفته الشخصيّة الى سوريا
ترأس رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ظهر امس في السراي الحكومي جلسة عادية لمجلس الوزراء.
وبعد انتهاء الجلسة في الثالثة والنصف بعد الظهر، أدلى وزير الإعلام ملحم الرياشي بالمعلومات الرسمية الآتية: «عقد مجلس الوزراء جلسته في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري وفي حضور الوزراء الذين غاب منهم الوزراء غازي زعيتر، يعقوب الصراف ويوسف فنيانوس.
استهل الحريري الجلسة بالتشديد على قرار مجلس الوزراء إعطاء الجيش الأمر باتخاذ ما يلزم وفي الوقت الذي يراه مناسبا لحسم معركة جرود القاع ضد الارهاب، وأكد الحريري أهمية النأي بالنفس كسياسة عامة لحكومة استعادة الثقة وعدم توريط لبنان في صراع المحاور.
بعد ذلك، ناقش مجلس الوزراء جدول اعماله وأقر معظم بنوده، والبند الذي لم يقر وتم تحويله الى لجنة هو البند المتعلق بمشروع قانون الابنية التراثية، وكان النقاش مستفيضا حول موضوع بورصة بيروت».
وسئل: ماذا عن النقاش الذي حصل بالنسبة الى زيارة بعض الوزراء لسوريا؟، فأجاب: «مجلس الوزراء لم يتخذ قرارا بهذا الموضوع. لقد تم نقاش مستفيض حوله، لكن نقاشات مجلس الوزراء تبقى ملكه، والاهم ان اي قرار من مجلس الوزراء كان واضحا في كلام الرئيس الحريري النأي بالنفس عن الصراعات والمحاور الاقليمية، واذا أراد الوزير زيارة سوريا يذهب بنفسه وليس بقرار من مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء نأى بنفسه عن المحاور الاقليمية باعتبار أن الحكومة هي حكومة وحدة وطنية، وأي زيارة ستتم لن تكون بقرار من مجلس الوزراء».
وسئل: ألم يكن مدرجا على جدول الاعمال زيارة الوزراء لسوريا؟، فأجاب: «لم يكن الموضوع مدرجا على الجدول».