بين عطلة عيد الاضحى، وسفر رئيس الحكومة، دخلت البلاد عمليا، مرحلة جديدة من الشلل تمتد اياما، ستكون كافية للاطراف المعنية باعادة حساباتها، خاصة ان الاستحقاقات الداهمة باتت بحاجة الى الحسم وغير قابلة للتاجيل، في ظل انعدام الرؤية السياسية داخليا، وضبابيتها على المستوى الاقليمي – الدولي،مع دخول سوريا مرحلة جديدة، على ما يبدو، عنوانها النفوذ الروسي بتنسيق بعيد عن الاضواء بين واشنطن وموسكو بدأت ملامحه تتظّهر تدريجا في مواقف أكثر من مسؤول غربي، الامر الذي سيترك بالاتاكيد تداعياته داخليا.
فبين وعد رئيس الحكومة عشية سفره الى نيويورك،سواء بتسوية او بدونها، وتعهد رئيس مجلس النواب نبيه بري للنائب سامي الجميل، باستئناف الحكومة جلساتها فور عودة رئيسها من الولايات المتحدة الاميركية، جلسة حوارية،يجمع الافرقاء على انها خرجت بنتيجة واحدة، تفعيل الحوار، ملاقاة للتطورات الاقليمية والدولية المتسارعة، رغم تاكيد مصادر سياسية، عن ضغوط الوزراء، الذين هدّدوا بالإنسحاب إذا ظلت الحكومة غائبة عن قضايا الناس الطارئة، باتجاه اعتماد مبدأ «الجلسات بمن حضر» او تأمين النصاب، خصوصاً ان المحافظة على مواصلة عمل مجلس الوزراء مسألة أساسية وإلا فلا داعٍ لحكومة أو غيرها، معربة عن اعتقادها ان تعليق أعمال الحكومة قد لا يتكرر لكن إذا تكرر فهذا يعني نهاية مجلس الوزراء، رغم سعي البعض الى فتح الملفات الواحد تلو الآخر بهدف التعطيل، مستندين الى الستاتيكو القائم بحكم الامر الواقع، وادراكهم أن غياب الإتفاق السياسي بين المكوّنات يخلق تداعيات على عمل الحكومة والمجلس النيابي.
وفيما تتواصل المساعي لحل عقدة التعيينات، حيث يرتفع فيها منسوب التفاؤل تارة وتزداد فيها نسب التشاؤم طورا، التي قد تفك معها اسر انعقاد الحكومة بكامل وزرائها، وفتح ابواب المجلس النيابي امام «تشريع الضرورة»، تؤكد مصادر، ان الصيغ المتلاحقة لتسوية الترقيات تتساقط الواحدة بعد الاخرى بعدما توسعت مروحة المعترضين، لتصبح ثلاثية اللاءات، الاولى من قبل المستقبل، وبخاصة الرئيس السنيورة،الرافض بسبب الخلاف السياسي مع عون وعدم الرغبة في اعطائه اي مكسب سياسي،الثانية موقف وزير الدفاع سمير مقبل، الذي يعبر عن وجهة نظر الرئيس ميشال سليمان «المستبعد» عن طاولة الحوار، والذي يتصرف من منطلق عسكري والتحالف الموضوعي القائم بينه وبين قائد الجيش العماد جان قهوجي، والثالثة، حزب الكتائب، الذي لم يحضر اللقاء في مكتب الرئيس بري، رافضا ادخال المساومات السياسية الى المؤسسة العسكرية لأن ذلك يشكل ضربة قاضية لها ويؤثر على تماسكها ومعنوياتها، فضلا عن مسايرته للعماد قهوجي..
في السياق اعتبرت أوساط سياسية ان الاتصالات الجارية لتوفير المخرج الذي يضمن بقاء العميد شامل روكز في نادي المرشحين لقيادة الجيش، ينطلق من مسلمة استحالة كسْر حلقات التأزم من دون إعطاء شيء ما للعماد عون، وإن كان البعض يتعاطى مع اي انتصار يحققه عون في قضية صهره على انه قد يكون تعويضاً استباقياً عن اي تسوية رئاسية يمكن ان تأتي على حسابه، في مقابل اعتبار اطراف أخرى ان مثل هذا «الانتصار» لن يجعل عون إلا أكثر «شهية» لتحقيق الفوز الأكبر الذي يرمي اليه وهو الكرسي الرئاسي، مستشهدة بالقرار الذي اتخذه بالتظاهر «في باحات» القصر الجمهوري في 11 من الشهر المقبل، مشيرة الى ان الحسابات الرئاسية لا تغيب عن المخرج المقترح لترقية روكز، لافتة الى ان الاتصالات التي بدأها رئيس المجلس مع قائد الجيش، الذي يتخذ منه الجميع قميص عثمان لتبرير رفضهم، قد لا تكون بعيدة عن الملف الرئاسي، بمعنى ان تسهيل الحلّ في قضية روكز يمكن ان يُقرأ ايضاً من ضمن تعزيز نقاط قائد الجيش الرئاسية، المعتبر من أقوى مرشحي التسوية. علماً ان عقدة وزراء الرئيس سليمان متروك امرها لتيار «المستقبل» متى اكتملت حلقات «سلة» التوافق، كاشفة عن «قطبة مخفية» مثلثة برزت خلال الساعات الماضية اطاحت بالايجابية التي كان سبق وتحققت، تمثلت في كون ترقية الضباط ستتم بموجب مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء، بينما التمديد الحاصل لقائد الجيش العماد جان قهوجي تم بقرار من الوزير، وهنا ثمة من يخشى ان يثير العماد عون شرعية التمديد لقائد الجيش المستند الى قرار وزاري قياسا على الشرعية الدستورية لترقيات الضباط المقرونة بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء ومغطى بتوقيع الوزراء وكالة عن رئيس الجمهورية، والثانية رفض العماد عون لاستدعاء روكز من الاحتياط لان ذلك يخرجه من دائرة المرشحين لقيادة الجيش، الا في حال ارتبط الامر بتعديل المادة المتعلقة بشروط اختيار قائد الجيش في قانون الدفاع، اما الثالثة فمطلب المستقبل تعيين مدير عام جديد لقوى الامن الداخلي وتشكيل مجلس قيادة قوى الامن الداخلي.