Site icon IMLebanon

«شروط» تأسيس شركة … الحلم يصبح حقيقة

ان إنشاء شركة فكرة رائعة، ولكنها يمكن أن تكون خطرة إذا لم تتم دراستها جيدا. ان روح المبادرة والرغبة في الاستقلالية، وإرادة الانسان التحكّم بمستقبله، كلها عوامل قادرة لوحدها على اعطاء هؤلاء الرياديين المتحمسين، شعوراً قوياً وأكيدا بتحقيق الذات.

من منّا لم يحلم ولو لمرة واحدة على الأقل في حياته أن يكون صاحب شركة ؟

ليس هناك وصفة عجائبية أو صيغة سحرية من شأنها مساعدة أولئك الذين يريدون إنشاء شركة، لأنه بطبيعة الحال إذا وجدت مثل هذه الوصفة، سيعرف الجميع بها ، وسيكون لكل شخص شركته المستقلة الخاصة به، وكان سيوجد عدد قليل من المجالات المتوفرّة حالياً.

قبل المباشرة في مشروع كهذا، يجب أن نعرف وندرك أن معدّل فشل الشركات التي يتم تأسيسها ووفق تقدير أحدث الإحصاءات العالمية هو بنسبة 20٪ في السنة الأولى، و 30٪ للسنوات الثلاث الأولى، و40 الى 50٪ للسنوات الخمس الأولى. لذلك يمكننا أن نستنتج بكل وضوح وللأسف، أن هناك عددا قليلا من الشركات الجديدة التي تستمر وتتجاوز السنة الخامسة .

لذلك، من المهم، من جهة، معرفة العوامل الرئيسية التي يشترطها النجاح ومن ثم العمل على كل عامل منها. ومن جهة أخرى، يجب تقييم المخاطر التي قد تنشأ في محاولة للحد منها بشكل كبير.

العوامل الرئيسية الثلاثة التي ينبغي التركيز عليها هي: الريادي (دوافعه، وصفاته، وعيوبه ونقاط الضعف والقوة لديه)، ثم فكرته (وجود سوق لمشروعه، وامكانية الاستفادة من هذا السوق بنجاح)، وأخيرا التصميم (تنفيذ المشروع، وخصوصا تطويره المستقبلي).

1- الريادي

يتمتّع عادة ريادي الأعمال بالصفات الأربع التالية:

أ- لديه رغبة شديدة في التفوق والذهاب الى أبعد من ذلك، فهو يتوق دائماً للمزيد.

ب- يعرف كيفية مواجهة الصعوبات ولا يعترف أبداً بالهزيمة.

ج- هو قادر على تغيير مساره في الوقت المناسب، إذا تبيّن له ان فكرته غير مربحة، وعلى الوقوف على قدميه.

د- أخيرا، والأهم من ذلك انه عمل بجهد لكي يصبح معروفاً. يجب أن نضع على رأس أولوياتنا التعّلم كيف نجعل الاخرين يعرفون بنا. ان معرفة أهدافنا ودوافعنا من جهة، ونقاط القوة والضعف لدينا من ناحية أخرى، هي من دون شك سر النجاح. أما بالنسبة لنقاط الضعف، فمتى حددناها ، انخفضت بالفعل بنسبة 50٪. وفي هذا الصدد قال الفيلسوف الصيني صن تزو، «اعرف عدوك وقبل كل شيء اعرف نفسك، ولن يستطيع أحد قهرك».

في الواقع ، لا يمكن الأخذ في الاعتبار أية ميزة إلا إذا كانت تسمح لكم بالتفوّق على أكثر من غيركم في المجال الذي اخترتموه. وبالتالي، يجب على ريادي الأعمال إعادة توجيه مشاريعه وفقا لطبعه وطبيعته، ووفق نقاط قوته الشخصية مع المحاولة في الوقت ذاته إدراك عواقبها على أعماله.

من المهم تحديد الأهداف المهنية بالنسبة لنا، وليس بالنسبة للآخرين. يقوم الكثير من المبتكرين ببناء مستقبلهم بالمقارنة مع الآخرين، بدلا من الانطلاق من الهدف النهائي الذي يطمحون به ويحلمون بالوصول إليه في صميم أنفسهم … من المهم أن نقبل بالبدء بشركة صغيرة. ومن الأفضل البدء في مرآب صغير والانتهاء في قصر من البدء في قصر والانتهاء في الحضيض.

2- الفكرة

من خلال تعلم مراقبة العالم من حولنا، يمكننا ايجاد العديد من الأفكار الإبداعية، ولكن لا أهمية لفكرة ليس لها سوق. لا يجب المبالغة في تقدير الحماس والاندفاع اللذين هما ربما صفتي صاحب الشركة المستقبلي ، ولكن يشكّلان أيضا أسوأ عدوين له، لأنهما قد يمنعاه من طرح الأسئلة الجوهرية مثل: هل من سوق مقتدرة لفكرتي؟ ما هي عوامل النجاح الرئيسية في هذه السوق؟ كيف يمكن لهذه العوامل الأساسية أن تتطور في المستقبل؟

ما هي نقاط القوة ونقاط الضعف لدي في كل من هذه العوامل الرئيسية؟ كيف يمكن التقليل من نقاط الضعف لدي والاستفادة الى أقصى حد من المزايا التي أتمتع بها؟

من ناحية أخرى، يجب على المرء أن يكون على اقتناع بأنه ليس من مهنة حمقاء، اذ ان الغرور هو الذي غالبا ما يؤدي إلى الفشل.

ربما لأي فكرة، مهما كانت متواضعة، سوق إذا استوفت حاجة ما وإذا كان من الممكن تسويقها بسعر مقبول للعميل وفي الوقت نفسه مربح لمبتكرها. لذا ينصح بشدة عدم تأسيس شركة قبل تحديد العملاء المحتملين مسبقاً وقبل الحصول على المعلومات ذات الصلة حول احتياجات ومتطلبات السوق المستقبلي ، مع الانتباه الى عدم الانزلاق في إغراء جد خطير ألا وهو ارادة اكتشاف المنتج الجديد أو الخدمة الجديدة التي ستحدث ثورة في العالم.

عند اختيار المجال التجاري الذي تودون خوضه، من المهم الأخذ بالاعتبار الموارد المتوفرة، ويُنصح بشدة تجنب القطاعات حيث لا يمكنكم الاستمرار الاّ من خلال تكييف منتجاتكم على الدوام.

هل لديكم المال والوقت اللازم للبقاء في السباق؟ من دون اي شك، ان التفاؤل هو الصفة الأساسية لمبتكري الأفكار، ولكن التفاؤل المبالغ به هو عيب خطير عند تطبيقه على توقعات المبيعات إذا كانت هذه التوقعات تؤدي إلى التنبؤ بمعدل نمو أعلى بكثير من معدل نمو القطاع المعني بشكل عام.

فمن الأفضل تجنّب القطاعات المعرّضة الى انخفاض قوي للسعر لا يمكن السيطرة عليه، وتجنب إذا أمكن الدخول في القطاعات التي يستند نشاطها الرئيسي على عدد قليل من كبار العملاء وعدد محدود من الطلبات الكبيرة.

لا بد من الاستفادة من المزايا الخاصة التي يقدمها صغر حجم الشركة التي قمتم بتأسيسها، وأيضا الاستفادة من مرونة الهيكلية الجديدة لجعل المنتجات أو الخدمات غير المربحة بالنسبة الى كبار المنافسين، مربحة بالنسبة اليكم.

من المهم ايضاً الحفاظ باستمرار على عقل منفتح وكشف الأسواق الواعدة، مع توقّع مسبق لاحتياجات المستهلكين. أحيانا يكون من الأفضل لريادي أعمال المستقبل تثبيت شركته في مجال صغير مربح ضمن قطاع لا تأبه به الشركات القوية، بدلا من محاولة غزو العالم بأسره.

3- تصميم المشروع

يجب درس المشروع بالتفصيل وتحديد من البداية كل الموارد اللازمة لإطلاقه. في الواقع، تشير العديد من التجارب أن المشروع الجميل لا يضمن دائماً النجاح، وقد يمكن لبعض المبتكرين أن يبرعوا في بداية مشوارهم قبل أن يفشلوا فشلا ذريعاً.

يجب الاطّلاع بشكل عميق على كافة الجوانب القانونية والاجتماعية والضرائبية قبل إنشاء شركة وكذلك تحديد شكلها القانوني بدقة. بالفعل، في لبنان ان تغيير شكل الشركة القانوني لهو عملية طويلة، ومتعبة ومكلفة. يجب ايضاً الاهتمام بحماية الأسماء التجارية والعلامات التجارية والاختراعات والرسوم والنماذج وكذلك الأخذ في عين الاعتبار ضرورة وجود ميزانية كبيرة لتسجيل براءات الاختراع.

اضافة الى ذلك، لا بد من وضع برنامج لإدارة وتطوير أعمال الشركة اذ ان العديد من الشركات لم تتمكن من الانطلاق بسبب فشل أصحابها في إدارة تنميتها وتطويرها بشكل صحيح. الاستراتيجية الإدارية هي اولاً أن نتعلّم كيفية إدارة تطوير اية شركة على المستوى البشري والمالي والتنظيمي.

الخلاصة

من اجل أن تنجحوا، توخوا الحذر ولكن كونوا جريئين. انغمسوا في العمل ولكن حافظوا على عقل منفتح. انتبهوا الى كل أمر ولكن اتركوا كل شخص يتولى مسؤولياته. كونوا مقتصدين، ولكن أيضا اعرفوا كيف تصرفون مالكم. كونوا أذكياء ، ولكن لا تقوموا بتحطيم الاخرين.

كونوا اقوياء ولكن لا تخيفوا أحدا. كونوا مستقيمين وثقوا بالاخرين، ولكن ادركوا أن الآخرين ليسوا دائما هكذا. إذا كنتم تشعرون انكم قادرون على كل ذلك فحاولوا انشاء شركتكم .