Site icon IMLebanon

شروط السلام العربي – الإيراني

من حقيبة النهار الديبلوماسية

“تقود السعودية بالتعاون مع دول أخرى عملية تصحيح مسار العلاقات العربية – الإيرانية تجنّباً لتطوّرات وتداعيات أكثر خطورة ممّا نشهده حالياً، وهي تلقى في مسعاها هذا دعماً أميركياً – غربياً غير مُعلن. وتتعامل القيادة السعودية مع إيران على أساس أن تفجير الأزمة علناً معها في هذه المرحلة كان ضرورياً وان هذه الأزمة ليست ثنائية فحسب، بل انها في الدرجة الأولى عربية – إيرانية مردّها إلى استياء الكثير من الدول والشعوب في المنطقة من سياسات القيادة الإيرانية وأعمالها وتوجّهاتها. وعكست هذه الأزمة في وقت واحد حجم الرفض العربي الواسع للسياسات الإيرانية الاقليمية المهدّدة لمصالح الكثير من الدول والشعوب، وهو ما أكّدته قرارات وزراء الخارجية العرب والخليجيين، ومدى الحاجة إلى المواجهة السياسية الصريحة مع القيادة الإيرانية من أجل بناء علاقات جديدة وصحيّة فعلاً ترتكز على الاحترام المتبادل وضرورة ضمان المصالح المشروعة لكلّ الأطراف بعيداً من الرغبة في الهيمنة ومحاولة فرض مطالب ومشاريع وسياسات جهة واحدة على الآخرين”.

هذا ما قاله لنا مسؤول عربي وثيق الاطلاع على تطوّرات الأزمة السعودية – العربية مع ايران. وأوضح “أن القيادة السعودية ترفض أي وساطة مع ايران من جهة لأنها ليست راغبة في الدخول في عملية مساومة وانجاز تسويات شكلية أو جزئية أو موقتة، ومن جهة ثانية لأنها تريد حلولاً حقيقية للمشاكل العالقة بين العرب والإيرانيين. وقد حدّد المسؤولون السعوديون في اتصالاتهم الاقليمية والدولية المسائل والمطالب الأساسية التي يريدون مناقشتها مع المسؤولين الإيرانيين:

أولاً: تريد القيادة السعودية حواراً قائماً على المصارحة والمكاشفة تطرح فيه كل المشاكل العالقة مع الإيرانيين الذين يتدخّلون سلباً في الشؤون الداخلية للكثير من الدول، لكنهم يرفضون الاعتراف بذلك ويمتنعون عن مناقشة هذه القضية مع الجهات المعنيّة ويكتفون بالنفي.

ثانياً: تريد الرياض تحديد قواعد جديدة واضحة في العلاقات السعودية – العربية – الايرانية تمنع وتحظر أي تدخلات ايرانية في شؤون عدد من الدول العربية تتناقض مع مصالح شعوبها ومع متطلبات الأمن والاستقرار والسلم الأهلي فيها وتمنع في الوقت عينه أي تدخلات عربية في شؤون إيران في حال حصولها. وتلتزم كل الدول العربية وايران احترام هذه القواعد الجديدة وتطبيقها خطياً ورسمياً.

ثالثاً: ترى السعودية أن أساس التفاهم الجديد مع ايران يجب أن يرتكز على المناقشة الصريحة لكل مشكلة عالقة معها. ففي اليمن المطلوب سعودياً وعربياً دعم الحل السياسي الشامل القائم على تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 2216 ورفض المشروع الإنقلابي للحوثيين وحلفائهم المدعومين من طهران. وفي سوريا المطلوب وقف الحرب وليس محاولة إنقاذ النظام والتعاون الجدي مع سائر الأفرقاء المعنيّين من أجل تطبيق الحل السياسي المتفق عليه دولياً واقليمياً الذي تبنّاه مجلس الأمن والذي ينص على انتقال السلطة إلى نظام جديد تعدّدي ديموقراطي يضمن المصالح المشروعة لكل المكوّنات. وفي العراق المطلوب تقاسم السلطة بين كل المكوّنات وليس حصرها في أيدي فئة معيّنة واحدة. وفي لبنان العمل على تشجيع كل الأفرقاء على التعاون معاً من أجل انتخاب رئيس للجمهورية يلقى دعماً من الغالبية الواسعة من اللبنانيّين وليس محاولة فرض مرشّح وحيد للرئاسة حليف لطهران، وفي الخليج المطلوب الامتناع عن دعم أعمال وممارسات تزعزع الأمن والاستقرار في بعض الدول.

رابعاً: القيادة السعودية تنصرف على أساس انه ليس ممكناً أو واقعياً انجاز سلام مع إيران بمعزل عن معالجة وتسوية المشاكل الإقليمية العالقة بين العرب والإيرانيين. فالسلام الحقيقي المنشود يجب أن يكون سعودياً – عربياً مع إيران ويرتكز على مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل وينهي الأعمال والممارسات السلبية الإيرانية في عدد من الدول.

وخلص المسؤول العربي إلى القول: “إن إنجاز هذا السلام العربي – الإيراني يتطلّب أن تتخلّى القيادة الإيرانية عن استراتيجية تصدير ثورتها ومشاريعها الى ساحات عربية عدّة وان تتعامل بمنطق الدولة المسؤولة الحريصة على الأمن الاقليمي مع دول المنطقة. وهذا قرار كبير وصعب جداً. لكن الأزمة السعودية – العربية مع ايران أظهرت ان سياسة تصدير الثورة ثمنها باهظ وان مواصلتها تؤدي الى تقليص نفوذ طهران في المنطقة وتجعلها تخسر مواقع مهمة، الأمر الذي ينعكس سلباً على علاقاتها مع الدول الغربية بقطع النظر عن نتائج توقيع الاتفاق النووي.