بشرنا بعض النواب بانهم سيعارضون العهد الرئاسي الجديد، وزاد هؤلاء انهم سيكون لهم ثقل سياسي قادر على التأثير في مجريات السلطة، فيما قالت مصادر مطلعة ان الذين اعلنوا صراحة انهم سيعارضون الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري، فانهم يعرفون ان معارضتهم ستصل الى حد معارضة الرئيس العتيد لرئاسة الجمهورية، مع علمهم الاكيد ايضا انهم لن يكونوا من ضمن تركيبة الحكم، اي انهم لن يكونوا في سياق المسلسل الحكومي الذي يعرف الجميع ان معارضتهم محكومة مسبقا بالفشل الذي سيكون بلا تأثير باستثناء ما يلحق بهؤلاء من ملامة شعبية؟!
من حيث المبدأ، ثمة عرف يقول صراحة ان لا معارضة لرئيس الجمهورية في بداية عهده، اضف الى ذلك ان البلد على ابواب انتخابات نيابية لا بد وان تجسد حالا سياسية مختلفة تماما عما هو سائد، مع ما يعنيه ذلك من موالاة ومعارضة، خصوصا ان مجالات الخروج له معناه وابعاده في هذه المرحلة الحرجة والحساسة من عمر الوطن، من غير حاجة الى انشاء كانتونات سياسية مستجدة على الساحة اللبنانية، فضلا عن كل ما شأنه ابقاء الامور العامة قيد الانضباط السياسي الجدي، لاسيما ان الذين يلوحون بالمعارضة لن يحققوا الغاية المرجوة من انقلابهم على السلطة من قبل ان يعرفوا مجالات عملها ونتاجها في الحكم؟!
من هنا، يجمع المراقبون على ان المعارضة لن تكون فاعلة لان الكلمة الفصل في نهاية المطاف هي لمجلس النواب الذي يعطي الثقة للحكومة ويحجبها بحسب ميزان عملها وليس مزاجيا بحسب ما هو متعارف عليه منذ نشوء الدولة، ومن غير حاجة الى تفسير او تأويل يختلفان عما هو قائم. وتجدر الاشارة في هذا المجال الى ان الحكومة الجديدة ستنطلق من محاصصة تقليد تسمح بما هو مقبول لنيل ثقة مجلس النواب جريا على العادة.
كما تجدر الاشارة ايضا الى ان ثمة من يخاف على العهد الجديد في حال كانت رغبة باحتكار السلطة بما في تسليم الدولة الى سياسيين طارئين جل همهم جني مكاسب بأسرع وقت ممكن، بحسب ما درجت عليه بعض الانظمة اللبنانية التي سجلت نسبة مرتفعة من الخصوصية السياسية التي من الواجب والملح تجنبها مهما اختلفت الاعتبارات من ضمن ما هو مرجو من توزير سياسيين على اسس هشة من الضروري الابتعاد عنها قدر الامكان.
وثمة مع يجزم في هذا الصدد لجهة ما قد يثار من تساؤل في حال رفض رئيس مجلس النواب نبيه بري توزير «شيعته» لان الطرف الشيعي الاخر (حزب الله) قادر تماما على تأمين الغطاء الميثاقي من غير حاجة الى ابعاد وزراء على حساب وزراء آخرين، وهذا من ضمن الرؤية المرتقبة للحكومة الجديدة للرئيس سعد الحريري المطالب بأن يستخدم المضمون السياسي اكثر من الاوزان السياسية من ضمن تشكيلة حكومته التي لا بد وان تنطلق بجدية متناهية مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية (…)
يقال في الوسط السياسي التقليدي ان من خرج على الانضباط من جماعة تيار المستقبل وبعض المستقلين فان امورهم مرهونة بما سيصدر عنهم من جدية بعيدة من التجريح الذي دأب البعض على اعتماده ظنا من هؤلاء ان الظروف تسمح بذلك، فيما هناك دلائل على ان الثقل والجدية السياسية والرصانة في العمل العام، هي من الامور التي لا يمكن الاستغناء عنها من دون التوقف عند بعض الاعتبارات التي يستحيل التعاطي معها بروحية سطحية؟!
تبقى كلمة شكر من الواجب ان توجه الى الرئيس سعد الحريري الذي عرف بصراحة ووضوح انه لا يمكن الخروج من النفق الرئاسي بمعزل عن مرشح قادر على استقطاب اكثر من نصف البلد، مع العلم ايضا ان تجربة ترشيح رئيس تيار المردة كان يمكن ان تنجح لو صادفتها ايجابية مدروسة الامر الذي ادى الى اعادة خلط الاوراق لما فيه تزكية ترشيح الجنرال للمنصب الرئاسي؟!