اذا كان من المستحيل صنع العجّة من دون تكسير البيض كذلك من المستحيل قيام دولة دون اعتراف الجميع بها والعمل على توفير عناصر قيامها بعيدا من التفكير بالمصلحة الخاصة، ومصلحة الطائفة والمذهب والحزب. وبما ان السيد حسن نصرالله امين عام حزب الله، اطلق بعد التفجير الارهابي في منطقة برج البراجنة مبادرة، لانهاء الوضع المأزوم الذي شلّ الدولة اللبنانية بجميع مؤسساتها ووزاراتها واداراتها على قاعدة الحوار التفاهم على سلة متكاملة بين جميع مكوّنات العائلة اللبنانية، ولاقاه الفريق الخصم في شكل عام بايجابية مماثلة مع بعض التحفّظ والتساؤل حول الاولويات اصبح من الواجب وضع خارطة طريق لكيفية الوصول الى العناصر التي تسهّل ذهاب الاطراف المتباعدة الى طاولة التقارب لانتاج سلة من التفاهمات قابلة للحياة والاستمرار خصوصا بعد الكلام عن امكان توصّل تيار المستقبل وحزب الله الى ورقة «اعلان نيات» تشبه الورقة التي توصّل اليها حوار حزب القوات اللبنانية وحزب التيار الوطني الحر.
اول خطوة في طريق التسوية التاريخية يجب ان تنطلق من بناء الثقة بين الاطراف، بعيدا من التشكيك والاتهام وسوء الظن والتخوين، على ان يتبعها مباشرة النيّة بوضع الماضي والحاضر في دائرة النسيان، والتطلع الى المستقبل برغبة مشتركة في التصارح والتفاهم والتواضع والاقتناع بأن مصير اللبنانيين واحد في السرّاء والضراء، وان المصلحة الوطنية وحماية صيغة العيش المشترك لا يمكن ان يتحقق بغلبة فريق على آخر، او باستقواء فريق على اخر او بتفرّد فريق على اخر بمواقف غير متفق عليها، ومن شأنها ان تخلق حساسيات طائفية ومذهبية وسياسية، والاهم من كل هذا ان يتساعد الكلّ على جعل المواطن يثق بدولته وبمؤسساته وخصوصا الامنية منها والقضائىة، وترك القانون يأخذ مجراه، والدستور يحكم بين المؤسسات وينظّم العلاقة بين الدولة والشعب.
****
بعد معاناة استمرت حتى الان سنة ونصف السنة على الفراغ في رئاسة الجمهورية والخلاف البيزنطي على الاولويات لوحظ ان الجميع اقتنعوا بأن استقامة الحياة البرلمانية الدستورية الوطنية المؤسساتية والسياسية الامنية، والاقتصادية والمالية، لا يمكن ان تتحقق من دون رئىس للجمهورية، وبالتالي فان المطلوب من الجميع اعادة النظر بالمواقف والشروط التي رافقت وترافق هذا الاستحقاق الوطني، بعدما ثبت عجزها عن ايصال اي مرشح الى سدّة الرئاسة و«لو بدّا تشتي كانت غيّمت» ويكون ذلك بالتفتيش عن لبناني ماروني يتحلّى بالتجرّد، والنزاهة، والثقافة والعلم، والوطنية والشجاعة في تحمّل المسؤوليات، وهي مزايا شخصية لا تعطى ولا تمنح، بل تكتسب بممارسة الشأن العام، وتجيير شعبية الاقوياء لمثل هكذا شخص، هي ميزة اضافية تعطى له علما بأن هناك مرشحين اقوياء يملكون مثل هذه الميزات لكن الصراع السياسي يقف حائلا بينهم وبين الرئاسة، وفي حال استطاع حوار «السلّة الكاملة» تجاوز هذا الصراع وخلفياته يكون «زيتا على زيتون» ولكن ما العمل في حال استمرار رفع هذا الجدار العازل؟!