لا يوجد إنسان في العالم إلاّ وهو ضد أي عمل إرهابي يستهدف أناساً آمنين لا علاقة لهم من قريب أو من بعيد.
من أسف شديد ما يحدث اليوم في أوروبا خطير، لا بل خطير جداً، ويجب معالجته بطريقة غير تقليدية، ولكي نستطيع المعالجة لا بد من الذهاب الى جذوره، بكل بساطة، هؤلاء الانتحاريون نسأل أنفسنا عنهم: لماذا يقومون بهذه الأعمال وهل هم مقتنعون بما يفعلون؟
لو عدنا الى التاريخ القريب وليس البعيد لرأينا أنّ أوّل من بدأ بهذه الأعمال هم الايرانيون الذين كانوا يرتدون الأكفان وينفذون عمليات إنتحارية موعودين بالجنّة، والأخطر أنهم كانوا يبحثون مع زعمائهم في المكان والزمان الموعودين فيه في الجنّة.
أولاً- أهم عنصر يستطيع أن يسيطر على أي إنسان هو العامل الديني وكما يقولون إنّ الدين يغسل الدماغ فنرى أنّ مَن يذهب ليفجّر نفسه يقوم بهذا العمل مقتنعاً وأنّه يعتبره الصواب وكل شيء سواه خطأ.
قيل إنّ الدين أفيون الشعوب، صحيح، في وقت يحب الناس الحياة ويجهدون لإطالة العمر ويبحثون عن الاستقرار والأمن والسعادة والتمتّع بهذه الحياة، نرى شاباً في مقتبل العمر بين 18 و25 يذهب ليفجّر نفسه، أي ليقتل نفسه…
بالله عليكم أي دين من الأديان يسمح بقتل النفس؟ لا يوجد مثل هذا الدين.
ثانياً- الفقر والجوع هما البيئة الحاضنة لهذه المجموعات، إذ انّ مَن يقوم بهذا العمل إنما ينفذه لأنّ ليس لديه ما يخسره: لا بيت… لا سيارة… لا متجر… لا عمل… وكما يُقال: جلستان في الدين ووعد بالجنّة كافية للإقناع بتنفيذ العملية الانتحارية.
ثالثاً- الجهل، وكما يقول الإمام علي: ما ناقشت عاقلاً إلاّ غلبته وما ناقشت جاهلاً إلاّ غلبني.
من أسف شديد أنّ عدداً كبيراً من الفقراء الذين لا يملكون شيئاً ولا حتى الحد الأدنى من مستلزمات الحياة، ولا تتوافر لهم المدارس… هؤلاء بمثابة قنابل موقوتة جاهزة للتفجير غب الطلب.
نعود الى ما حدث في أوروبا، باريس سابقاً وأمس في بروكسيل: إنّ المسؤولية الكبرى تقع على الدول العظمى بداية بأميركا ثم فرنسا ولاحقاً بريطانيا وإسبانيا: خمس سنوات والمجرم بشار الأسد يمعن قتلاً في شعبه والعالم يتفرّج.
وفي 2013، بعد سنتين من أكبر عملية إجرامية نفذها ولم يسبقه إليها نيرون ولا هولاكو ولا جنكيزخان، جاءت الأساطيل الاميركية لتحاسب بشار وبدلاً من أن تحاسبه أنقذته وحمته ومدّدت له، وأعطته فرصاً جديدة للقتل والتدمير والتهجير(…) وبدلاً من أن تتدخل دولة عظمى مثل روسيا لوقف هذه المجازر تدخلت لتنقذه… وهكذا بعدما أنقذه الاميركي أولاً أنقذه الروسي ثانياً.
ويسألونك عن الارهاب، ولهم نقول: إذا أردتم محاربة الارهاب فأمامكم الارهابي الأكبر، بشار الأسد، أكبر من «النصرة» و«داعش»، وهما من اختراعه.
وأخيراً، أرى أنّ ما قاله الدكتور سمير جعجع، أمس، في هذه النقطة بالذات، جاء وكأنّ هناك توارداً في الأفكار بيننا.