IMLebanon

“الإرهاب” مستمر حتى إحباط “مشروع” إيران!

المناقشات بين الدوائر الرسمية المعنية وعدد من العاملين السابقين فيها والناشطين في مراكز أبحاث جدّية صارت شبه يومية في واشنطن. وهي تتناول القضايا الساخنة في العالم وتكاد أن تكون محصورة في الشرق الأوسط وخصوصاً العالمَيْن العربي والإسلامي.

في إحدى المناقشات المشار إليها طرح المسؤولون على الآخرين أسئلة عدة عن المنطقة، وحصلوا على أجوبة لم تكن متشابهة على الأرجح. وأعتقد أن اطّلاع القراء اللبنانيين وغيرهم عليها ضروري. ذلك أنهم يعيشون في خضم معلومات ومعطيات متناقضة. بعضها يشير إلى تفاهم قريب على آلية لتسوية الحرب السورية وبعضها الآخر إلى أن التفاهم بعيد رغم المعطيات النووية الإيجابية.

ماذا تضمّنت الأجوبة المشار إليها؟

الجواب الأول أشار إلى أن مجرى الأمور في سوريا والعراق واليمن ولبنان، والتطوُّر المحتمل للعلاقة الصراعية بين المملكة العربية السعودية وإيران، يتوقف على حصول الاتفاق النووي على مصادقة رسمية أميركية وإيرانية تتيح إصداره ووضعه موضع التنفيذ.

والجواب الثاني أشار إلى أن مجرى الأمور نفسها يتوقف على مدى رغبة الإيرانيين في تهدئة الأوضاع وفي الانضمام إلى المجتمع المدني والمجتمع الدولي اللذين تجاهلوهما سنوات عدة. وأشار أيضاً إلى أن مناقشات عدة ومباحثات تجرى في أمكنة عدة بعضها بعيد كثيراً عن الولايات المتحدة وعن العيون المترصِّدة والمراقبة. والمفيد فيها أن جزءاً منها يتناول النظام السوري ورأسه بشار الأسد والطريقة التي يسقط بها نهائياً الأول ويغادر الثاني السلطة، كما يتناول الشغور الرئاسي في لبنان وضرورة العمل لملئه. وفي هذا المجال تتمسَّك إيران بحسب الجواب الثاني نفسه بأن يغادر الأسد السلطة والحكم بكرامة وبعد التوصل إلى اتفاق على تسوية لحل الأزمة في بلاده، وكذلك بعد إجراء انتخابات رئاسية وربما تشريعية أيضاً. ويبدو أنها تُصرّ على صيغة لسوريا الجديدة تقضي بإقامة دولة مدنية (مماثلة للصيغة التي اقترحتُها في أحد “مواقف” الأسبوع الماضي للبنان ولدور “حزب الله” فيها). لكن الموقف الإيراني هذا قوبل في المناقشات بأسئلة من البعض وبرفض من البعض الآخر وتشكيك من البعض الثالث. فأحد المشاركين فيها اعتبر أن الوضع السائد في سوريا لا يسمح بإجراء انتخابات رئاسية وأخرى نيابية، وتساءل من سيشارك فيها في وقت يعيش نصف الشعب السوري حياة اللجوء سواء داخل بلاده أو في “الشتات” العربي والدولي؟ ومن الذي سيتولى التفاوض من السوريين؟ وهنا اقترح البعض تكوين مجموعة تفاوض مشابهة لمجموعة 5+1 التي توصَّلت مع إيران إلى اتفاق نووي. لكن من الذي سيمثِّل الغالبية السورية (السنّة) في المفاوضات؟ وهل تستطيع القوى وربما الطوائف المتحاربة بشراسة وحقد لم يكن يتصوُّرهما أحد أن تعود إلى العيش معاً مرة ثانية؟ طبعاً ربما يذهب الإيرانيون إلى حد اقتراح نوع من الصيغة المدنية للدولة السورية بعد إنهاء الحرب أو الحروب فيها. لكن من الذي “سيقبض” اقتراحهم هذا في ظل اقتناع كثيرين من العالم العربي والإسلامي وخارجه بأن طهران تريد دولة مدنية زائفة في لبنان وسوريا وذلك من أجل استمرار سيطرتها عليهما. فمن جهة وبسبب تهجير نصف السوريين يستطيع العلويون الموجودون في مناطقهم وبعض السنّة الموالين لهم أن ينتخبوا بديلاً من الأسد موالياً لإيران، وقادراً مع جيشه وميليشياته والدعم الروسي والإيراني طبعاً الإمساك بسوريا من جديد. أما في لبنان، وفي ظل استمرار التفكُّك السنّي والتفكُّك في فريق 14 آذار ونجاح “حزب الله” في إبقاء 8 آذار متماسكاً، فإن ملء الشغور الرئاسي سيكون بشخصية موالية للأخير. وبذلك تحتفظ إيران بقواعد تمكِّنها من الاستمرار في مشروعها الإقليمي الذي ترفضه غالبية العرب وهي من أهل السنّة، وهذا ما تحاول فعله طهران في العراق أيضاً.

أما الجواب الثالث والأخير فهو أن الغالبية العربية لن تضرب فعلاً التطرُّف الإسلامي السنّي قبل اقتناعها بأن إيران تخلَّت عن مشروعها للهيمنة والتوسُّع في المنطقة، وبأنها تستعمل كل شيء لتحقيق هدفها بما في ذلك قبول الدولة المدنية وإن “زائفة”. وفي حال كهذه لا يتوقّع أن يكون تصدّي أميركا للإرهاب الإسلامي ناجحاً وحاسماً قبل توصّلها إلى تفاهم نهائي مع إيران حول القضايا الإقليمية وأحجام الدول الكبرى في المنطقة وأدوارها.