IMLebanon

إرهاب «داعش» يضع لبنان وفرنسا على أجندة «فيينا 2»

باسيل لفابيوس: رابط الشهادة وحّد بلدينا من الضاحية إلى باريس

إرهاب «داعش» يضع لبنان وفرنسا على أجندة «فيينا 2»

في غضون 24 ساعة، ضرب الإرهاب برج البراجنة وباريس. لم يكن الأمر صدفة، بل رسالة الى العالم أجمع بأنّ الإرهاب لا ينحصر ببلد من دون آخر. إنطلاقا من هذه الرؤية بدأ لبنان يشعر بثقة أكبر أثناء حديثه في المحافل الدولية عن الحرب ضدّ الإرهاب. وكلمة «الحرب» استخدمها للمرّة الأولى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بعد الهجمات الإرهابية يوم الجمعة الفائت في 6 مواقع في العاصمة باريس تمثّل ثقافة الحياة الفرنسية.

33 دقيقة من الإرهاب والقتل في باريس صارت حديث الاجتماع الثاني المخصص لتسوية الأزمة السورية في فيينا.

في العاصمة النّمساويّة، وجد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل نفسه يتقبّل تعازي وزراء خارجية الدول الـ17 المشاركين مع الإتحاد الأوروبي وأميركا وجامعة الدول العربية الى جانب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس.

في غضون ساعات، صارت الضاحية الجنوبية حديث الساعة في فيينا ومعها عاصمة أوروبا الجريحة: باريس.

لم يتخيّل أحد أن ينشأ رابط بين الضاحية الجنوبية وبين باريس. لكنّ الإرهاب أوجد رابطا قويا فضمّن المجتمعون البيان الختامي موقفا مندّدا بالهجمات الإرهابية في لبنان وفرنسا وفي العراق أيضا، وذلك بحسب أوساط ديبلوماسية اطلعت على نصّ البيان الحرفي لاجتماع فيينا الثاني.

ووجد وزير الخارجية اللبناني نفسه يقول أمام المجتمعين إنّ «ضرب الضاحية وباريس يبرهن مجددا بأنّ معالجة آفّة الإرهاب لا تكون بتحديد لوائح المنظمات الإرهابية وقيام تحالفات عسكرية فحسب، بل عبر ملاحقة مصدر هذا الإرهاب ومنبعه الفكري».

في أحاديث جانبية مع وزير الخارجيّة الفرنسي لوران فابيوس، قال باسيل للوزير الفرنسي: «ليس صدفة أن يتمّ استهداف لبنان بضاحيته الجنوبية ثم باريس في غضون 24 ساعة، صار بين لبنان وفرنسا اليوم رابط دماء عبر الشهداء في البلدين، ربطتنا سابقا أواصر المحبّة لفرنسا الأم الحنون وها نحن اليوم نتّحد بدماء شهدائنا».

وتطرق باسيل الى موضوع النزوح السوري الى لبنان، وعلمت «السفير» بأن باسيل انطلق من جدال فرنسي قائم حاليا على أعلى المستويات حول سياسات الهجرة والنزوح، ليحذّر نظراءه الغربيين من أن النازحين قد يشكلون غطاء لإرهابيين خطرين، «وبعد أن كان مصدر الإرهاب في فرنسا بعض الجماعات الآتية من الدول المغربية، فإن لها اليوم مصدرا جديدا هو النزوح السوري الذي يعاني منه لبنان أيضا بسبب خرقه من قبل جماعات متطرفة»، كما نقل عن باسيل.

وبدا الموقف اللبناني في هذا الشأن متقاربا جدّا مع الموقف الأميركي الذي عبّر عنه وزير الخارجية جون كيري، وقال مصدر ديبلوماسي تحدّث الى «السفير»: «بدا موقفا لبنان والولايات المتحدة الأميركية الأكثر وسطية في ما يخصّ الأزمة السورية».

من جهتها، قالت الأوساط عينها لـ «السفير» إنّ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لا يزال على تشدّده حيال الملفّ السوري، وهذا ما تمّ استنتاجه من مداخلاته في فيينا. «فالحكم الإشتراكي لا يزال يعيش حالة إنكار للواقع من خلال رمي كلّ معاصي داعش وإرهابها على عاتق نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ومن خلفه إيران وروسيا»، برأي تلك الأوساط.

ساركوزي يدعو للتعاون مع روسيا

انطلاقا من حسابات فرنسية مختلفة، تتوقع أوساط ديبلوماسية متخصصة في الشأن الفرنسي، أن يبقى موقف فرنسا على حاله في المدى القريب، بالرغم من أصوات عدّة بدأت تعلو وتدعو الحزب الإشتراكي الحاكم الى التحالف مع روسيا في محاربة الإرهاب. منهم على سبيل المثال لا الحصر رئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي الذي دعا بعد لقائه الرئيس فرنسوا هولاند «الى ليونة أكبر في السياسة الفرنسية الخارجية في سوريا». قائلا بالحرف: «نحن نحتاج الى الروس من أجل القضاء على داعش، فلا يمكن أن يُكوّن تحالفان اثنان ضدّ الإرهاب في سوريا».

من جهتها، توقعت هذه الأوساط أن يتزايد نقد السياسة الخارجية الفرنسية من قبل المفكرين و«الإنتلجنسيا» الفرنسية كما السياسيين، وهؤلاء سيكررون النقد ذاته الذي درجوا عليه في الأعوام الخمسة الأخيرة من حيث الإنقياد الفرنسي للولايات المتّحدة الأميركية، والسياسات الشخصانية حيال سوريا والتحالف مع دول الخليج لجهة ضرورة أن تفرض الجيواستراتيجيا الخيارات السياسة والإقتصادية وليس العكس، وضرورة التحالف مع دول قريبة إيديولوجيا من فرنسا كما روسيا، عوض التحالف مع دول لا تتقاسم أفكار الجمهورية الفرنسية.

ولفتت الأوساط الى أن أي تغيير فرنسي من المبكر رصده، لكن فرنسا ستستمر بسياساتها المتشددة في المدى القريب، علما بأنّه يوم الاعتداءات كان وفد فرنسي يزور الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق. مشيرة الى أنّ التغيير ليس معادلة أكاديمية ترتكز الى دراسة الواقع والسير بحسب المنطق، لأنّ ثمة تعقيدات عدّة قد تحمل خيارات لا تبدو منطقية أحيانا.

الفارق بين هذا الهجوم وحادثة قتل صحافيي «شارلي إبدو» في كانون الثاني من السنة الحالية، هو تنسيقه المحكم في 6 مواقع تمثل بنظر الفرنسيين استهدافا لثقافتهم ولنوعية حياتهم من الرياضة الى شرب الخمر الى سماع الموسيقى، وبالتالي فإن لهذا الهجوم بعدا حضاريا لم يكن موجودا في استهداف الصحيفة الكاريكاتورية، وهذا ما دفع الرئيس الفرنسي الى إعلان الحرب.

وتتوقع الأوساط الفرنسية أن يتخذ خطاب اليمين الفرنسي المتطرّف مكانا أوسع في عقول الفرنسيين، وهذا ما سيتبين في الإنتخابات المناطقية التي تسبق الإنتخابات الرئاسية المتوقعة في سنة 2017 والتي بدأت المنافسة عليها منذ اليوم بين أقطاب الإشتراكيين أنفسهم وبينهم وبين الجمهوريين. وأخيرا فإن هجمات باريس المتزامنة مع ضرب الطائرة الروسية فوق سيناء وتفجيرات برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية، سوف ترغم فرنسا على التركيز أكثر على ملفات الشرق الأوسط بعدما اهتمّت في الأعوام الأخيرة بالساحل الإفريقي.