التعريف العالمي للإرهاب هو عنف منظم، متصل بقصد القتل بغرض ايجاد حالة من التهديد العام، موجّه ضد دولة او جهة سياسية، وبقصد تحقيق أهداف سياسية.
كما أن لا وجود لعنف إلا وله خلفية فكرية تصبّ في أهداف سياسية. وعادة ما يفشل تنظيم مؤسس على الفكر العنيف في تحقيق أغراضه، فيبادر الى تغيير أسلوبه، وليس مبادئه أو أهدافه.
هذه المفاهيم للإرهاب، كانت وما زالت مأخوذة بعين اعتبار القيادة العسكرية، من خلال الخطوات المتأتية والممرحلة، والبعيدة عن التهوّر وحرق المراحل، قصف تمهيدي فتقدّم، بعد تنظيف الممرات والمعابر من الألغام او الشحنات الناسفة.
الهجمات الممرحلة، لم تحل دون وقوع شهداء، لكنها خفضت من الكلفة المحتملة الى الحدّ الأدنى، قياساً على ما كان يمكن أن يحصل، لو اعتمدت الهجمات الإستعجالية، لإثبات القدرة أو تسجيل المواقف..
ان مختلف الخبراء والمعلقين العسكريين أجمعوا على دقّة تعامل القيادة العسكرية مع دواعش الجرود، عبر طريقة القضم والهضم، مع عدم ترك المسلحين يرتاحون، ففيما كانت القوى تعمل على تطهير المواقع التي تقدّمت إليها، من المفخّخات والألغام، كانت راجمات الصواريخ ومدافع الميدان تواصل الرمي باتجاه المواقع المتبقية لمجموعات داعش.
مصادر متابعة ترى ان البحث عن مصير العسكريين المخطوفين يلعب دوراً في توقيت المرحلة الأخيرة من هذه الحرب على الإرهاب، وبالتالي ان الإجهاز على آخر مواقع للدواعش في جرود رأس بعلبك، غير أن عصا مدفعية الجيش مرفوعة، ضغطاً على المسلحين الذين باشروا مفاوضات مع الجانب السوري، سعياً للإنتقال الآمن الى دير الزور.
المصادر استبعدت السماح لعناصر داعش بالمغادرة قبل الوقوف على مصير العسكريين سلباً او ايجاباً، علماً أن الإستعدادات بدأت للإحتفال بتحرير الجيش للجرود الشرقية في ساحة الشهداء في بيروت، بعد دقّ النفير للمرحلة الرابعة والأخيرة.
والراهن ان ما يجري في الجرود ليس معزولاً عما يدور حولنا، فمنذ سنوات والمنطقة عرضة لمحاولة إعادة صناعة الدول بحدّ السكين، يحاولون إعادة رسم خرائط الأوطان بمداد الطوائف الأحمر، تبريراً لوجود كيانات تستمدّ وجودها من الخرافات الدينية.
بيد أن المعطيات المتوفرة تطمئن الى أن لبنان خارج هذه المعمعة، بدليل الإجماع الدولي على استقراره، وعلى توفير الدعم الكامل لجيشه، بوصفه الحارس والحامي لهذا الإستقرار.
وتتحدث المصادر عن تفاهم أميركي – روسي حول مقوّمات الإستقرار اللبناني وديمومته، ومن دلائله زيارة الرئيس سعد الحريري لواشنطن واستلحاقها بزيارة وزير الدفاع يعقوب الصراف لموسكو، وقبلهما زيارة وزراء أمل وحزب الله والمردة لدمشق.
وآخر مظاهر الحراك الدولي والإقليمي من لبنان وإليه، زيارتا الموفد السعودي ثامر السبهان الى بيروت وجولته الواسعة على القيادات، قبله زيارة الموفد الايراني حسين الأنصاري الذي سبقه بالجولة، هذه الجولات ظهّرت التناقض بين الزائرين: الايراني يريد تظهير انتصار حزب الله على داعش، لضمّ لبنان الى محور الممانعة، والسعودي يركز على انتشار الجيش، حفاظاً على بقائه ضمن الخط العربي.
والتجاذبات مستمرة، طالما أن تفاهمات الكبار، قيد المقاسمة…