يتقلّب لبنان على جمر الفتنة التي تعصف رياحها من سوريا، ونقول؛ لا شيء بريء البتة في هذه الأحداث بدءاً من مقابلة أحمد منصور الحصرية مع أمير جبهة النصرة والتي تمّ بثّها قبل أيّام، وقال فيها الإرهابي الجولاني: «لم نعتد على الدروز في سوريا، وسنقاتل من يقاتلنا»، وكأنّ الإعلام الحصري كان تمهيداً للفتنة، والكشف عن هويّة أمير الإرهابيين إمعان في إشعال الفتنة، بين طائفة الموحدين الدروز والطائفة السُنيّة، فيما تكفّل بشّار الأسد وحزب الله في إشعال الفتنة السُنيّة الشيعيّة، فهل جاء دور الدروز، سؤال ستتكفّل بإجابته الأيام المقبلة؟!
لم نخطئ مرّة ومنذ اللحظة الأولى في تصنيف جبهة النصرة كمنظمّة إرهابيّة، حتى قبل تسللها إلى لبنان وضرب الجيش اللبناني واختطاف جنوده، بل منذ إعلانها في بيانها الأول الذي أصدرته في 24 كانون الثاني 2012 ودعت فيه السوريين إلى الجهاد وحمل السلاح في وجه النظام السوري» اعتبرنا أنّ استخدامها لكلمة «الجهاد» يعني أنّ وراء الأكمة ما وراءها، وأكدت بيانات الجبهة المتشددة مخاوفنا ودفعتنا إلى الكتابة في هذا الهامش مقالة حملت عنوان «قطر راعية الإرهاب في المنطقة»، في كانون الأوّل 2012 عندما صنّفت الحكومة الأميركية جبهة النصرة على أنها جماعة إرهابية وهاج ممثلي المعارضة السورية وقادة الجيش الحر وأطياف واسعة من الثوار رافضين تصنيفها الإرهابي معتبرين أنها جزء من فصائل الثورة السوريّة، خالفناهم هذا الدفاع المستميت، حتى عندما وصفها النائب وليد جنبلاط بغير الإرهابيّة، بقينا على موقفنا ولم نذكرها مرة في مقالاتنا إلا بـ»الإرهابيّة»، فهل كان المشهد اللبناني بحاجة إلى مجزرة «قلب لوزة» بحقّ مواطنيها الأبرياء من دروز بني معروف، حتى يصحو الجميع من الخطر الذي يتهدّد لبنان؟!
ما كشفته قناة الجزيرة بالأمس يؤكّد أن جبهة النصرة «تنظيم إرهابي» وأنّ قائدها مجرم إرهابيّ متأصل في الإرهاب ـ الذي يعصف بالمنطقة ـ منذ «أبو مصعب الزرقاوي»ـ مؤسس القاعدة في العراق والأب الروحي لتنظيم «داعش»ـ وترقى بالصفوف حتى أصبح ضمن الدائرة المقربة من الزرقاوي الذي اغتالته غارة أميركيّة في عام 2006 ، وصولاً إلى داعش ـ العراق التي أصبح رئيساً لعملياتها في الموصل، إلى أن انشقّ عن سلطة البغدادي وفتح «دكّان إرهاب» لحساب أيمن الظواهري وتنظيم القاعدة!!
ليس الموحّدون الدروز في جبل السمّاق، أو أدلب، أو الجولان في خطر لوحدهم، دروز لبنان المستنفرين لمقتل إخوانهم في فتنة كبرى تعصف بلبنان مجدداً من «قلب لوزة» ، ولبنان نفسه مع دروزه وسُنتّه وشيعته ومسيحييه في خطر كبير، الخطر يلفّه كلّه من حدود يُدفع إليها إرهاب داعش وجبهة النصرة من بقاعه، وداعش من شماله، وجند الشام وكل التنظيمات المتطرفة في المخيمات الفلسطينية، والتنظيمات السلفية المتطرفة في طرابلس وعكار، وما ينتظر المنطقة برمتّها أدهى وأمرّ، فمن وجهة نظرنا لا يختلف أبداً إرهاب القاعدة و»داعش» و»النصرة» عن إرهاب تنظيمات إيران بدءاً من حزب الله وانتهاء بجماعة الحوثي في اليمن، كلّهم في التورّط بدماء شعوب المنطقة واحد وعلى حدّ سواء.