منذ بداية الثورة الشعبية في ليبيا في ١٥ شباط عام ٢٠١١ ضدّ الحاكم الجائر المجنون معمر القذافي الذي كنت أعرفه جيداً وأعرف ماذا فعل ببلده وبشعبه أيضاً، والذي لم أرَ حاكماً يكره شعبه ويكره تطوير بلده كما فعل هو.
وأستطيع أن أقول إنّ البلد الوحيد في العالم الذي كلما ذهبت إليه ترى أنه يتراجع على جميع الأصعدة الإدارية والإعمار والاقتصاد والزراعة والسياحة والصناعة يومياً أو كي لا أبالغ، أسبوعياً… هو ليبيا.
الساحل الليبي يمتد على مسافة 1952 كيلومتراً على شاطئ البحر الابيض المتوسط وفي كل كيلومتر تقريباً كانت هناك مزرعة للحمضيات والزيتون، وكانت في قديم الزمان وأيام الانتداب الايطالي، تطعم أوروبا، حمضيات وزيتوناً، أمّا اليوم فإنّ ليبيا تستورد الليمون والحمضيات والزيتون من الخارج؟!.
وباختصار فإنّ ليبيا بلد مساحته 1.800.000 كلم مربع وعدد سكانه 6 ملايين ونصف مليون نسمة، وهو ينتج 528 ألف برميل نفط يومياً من أفضل أنواع النفط جودة في العالم… وبكلفة إنتاج متدنية جداً تراوح بين دولار ودولار ونصف للبرميل، وليبيا من أقرب البلدان الى أوروبا الغربية.
وهذا البلد الذي اقتصاده يبلغ 80 مليار دولار يجب أن يكون جنّة… بينما الواقع هو في مكان آخر، وبالعكس، وهذا الواقع يزداد بروزاً عندما نعرف أنّ لليبيا حدوداً مع مجموعة من الدول أي أنّ لديها إمكانات هائلة للتبادل التجاري، ويحدّها: الجزائر بطول 982 كيلومتراً، وتشاد 1055 كيلومتراً، ومصر 1150 كيلومتراً، والنيجر 354 كيلومتراً، والسودان 383 كيلومتراً، وتونس 459 كيلومتراً، إضافة الى شريط ساحلي على البحر المتوسط يبلغ طوله 1952 كيلومتراً!..
لذلك عندما بدأت التظاهرات وكان ذلك في 15 شباط من العام 2011، لم أفاجأ بها، بل كنت أنتظر تلك الثورة التي كان يجب أن تندلع منذ زمن بعيد.
وهنا أيضاً تذكرت كيف كنت أشاهد في مرفأ طرابلس آلاف السيارات العسكرية والمدرعات والدبابات والآليات العسكرية والصواريخ مرماة في باحة المرفأ وعلى امتداد كيلومترات ولا يستعملونها أو يستفيدون منها، بل كان المهم إنفاق الأموال الليبية التي تُـجنى من النفط فقط على شراء الأسلحة ولا يستفيد منها الشعب في تطوير البلد وإقامة المصانع والإهتمام بالزراعة أو الصناعة أو السياحة.
في مختلف بلدان العالم نراهم كل بضع سنوات يبنون فندقاً، وخلال عهد القذافي أي طوال 42 عاماً (من 1969 لغاية 2011) بُني فقط فندقان لا غير؟!.
«الإنجاز» الوحيد الذي حققه هو «النهر العظيم» وهو أفشل مشروع جر مياه في الصحراء بالتاريخ حصل في ليبيا وكلّف الدولة ما بين 4 و5 مليارات من الدولارات…
باختصار، كان معمر القذافي زعيماً يعرف كيف يقضي على شعبه وكيف يقف حجر عثرة أمام تطوير الحجر والبشر.
جاءت الثورة وبدل أن يتسلم الجيش السلطة تركت الشعب الليبي بين أيدي مجموعات متطرفة دينياً تعبث بأمن ليبيا خصوصاً أنّ موقع ليبيا الجغرافي مكّن جماعة «القاعدة» و»داعش» من الوصول إليها.
والسبب بأنه لم يكن باستطاعة الجيش أن يتسلم أمن البلد هو أنّ معمر القذافي لم يبنِ جيشاً وطنياً كما يدّعي بل كانت هناك مجموعة صغيرة قريبة منه ومن مدينته سرت متحكمة بكل مرافق البلاد… لذلك عندما اندلعت الثورة على هذا القائد التافه أصبح الأمن مكشوفاً.
ومن هنا كنت غير مرة وفي مناسبات عدة، أدعو الدولة المصرية والجيش المصري لأن يحتلا ليبيا ويفرضا الأمن والإستقرار… ويفرضا قيام الجيش الليبي الوطني بعد أن يكونا قد نظفا البلد من الزعران والمتطرفين الدينيين، وكان رأيي أنّ هذا هو الحل الوحيد لمشكلة ليبيا.
منذ يومين قامت الطائرات المصرية بمساعدة الجيش الليبي الذي لا يملك الإمكانات لكي يفرض الامن لوحده بقصف مواقع المتطرفين الارهابيين، لذلك قلت إذا أرادت مصر أن ترتاح من الارهاب والمنظمات الارهابية عليها تنظيف ليبيا أولاً ثم السودان في مرحلة لاحقة.
عوني الكعكي