IMLebanon

الارهاب ليس واحدا ومحاربته ليست واحدة

لا صوت يعلو على صوت المعركة مع الارهاب. من جرود عرسال والقلمون الى جبال تورا بورا في افغانستان مرورا بالرقة والموصل ودير الزور. ومن واشنطن وموسكو وباريس ولندن وبرلين وبيجينغ الى بقية العواصم في كل القارات. لكن الحرب على الارهاب ليست واحدة. والارهاب ليس واحدا، وان كان التركيز حاليا على داعش وجبهة النصرة وبقية التنظيمات التي تمارس الارهاب باسم ايديولوجيا دينية لتحقيق أهداف سلطوية. حتى تعريف الارهاب ليس واحدا برغم التحديد الذي جرى الاتفاق عليه في الأمم المتحدة. والخلاف على تحديد من يمارس الارهاب والتفريق بينه وبين من يقاوم لتحرير الأرض ومن يقاتل من أجل الحرية يرافقه، بطبائع الأمور وتناقض المصالح، خلاف على من يحارب الارهاب بالفعل.

ذلك ان تبادل الاتهامات بدعم الارهاب بين القوى والدول التي تحاربه ليس خارج المألوف. أميركا التي تقود أوسع تحالف دولي لمحاربة الارهاب عسكريا وماليا وسياسيا تواجه اتهامات من ايران وحزب الله والتيارات اليسارية في المنطقة والعالم بأنها صانعة داعش بعد القاعدة فوق كونها حامية الارهاب الاسرائيلي. وهي تتهم ايران بأنها أكبر دولة داعمة للارهاب في العالم، حسب وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وانه في كل مكان تنظر ان كانت هناك مشكلة تجد ايران حسب وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس. لا بل تفرض عقوبات على طهران وحزب الله.

روسيا التي تتهم أميركا بأنها تحارب داعش بأقل الممكن وترعى حركات ارهابية وثورات ملونة في أوروبا الشرقية والدول التي كانت ضمن الاتحاد السوفياتي، متهمة في أوروبا وأميركا بأنها تمارس الارهاب الالكتروني وتدعم اليمين المتطرّف وتسعى لزعزعة الاستقرار في أوروبا. واسرائيل التي تمارس ارهاب الدولة تتهم ايران وحزب الله وكل حركات المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال بممارسة الارهاب.

واذا أخذنا بكل ما نسمعه، فان كل قوة لديها مكتبان: واحد لدعم الارهاب وآخر لمحاربة الارهاب. الأول يختار الارهابيين الذين يصنعهم أو يدعمهم لخدمة مصالحه. والثاني ينتقي نوع الارهاب الذي يحاربه لحماية مصالحه ومواطنيه وحلفائه. واذا عرفنا بعض ما يدور في الكواليس، فان للحرب على الارهاب، برغم ضرورتها وأهميتها، وظيفة في خدمة أهداف متعددة. بعضها خاص بكل طرف. وبعضها الآخر مشترك بين أكثر من طرف. ومعظمها لطمس القضايا الأساسية المتعلقة بما تريده الشعوب من الأنظمة في مجال الحريات الديمقراطية والتنمية والتعليم وما تحتاج الأوطان لانجازه في مجال السيادة والاستقلالية.

أليس ما يفاخر به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هو ان مناطق خفض التصعيد في سوريا تساهم في الفصل بين المعارضة والارهابيين؟