IMLebanon

الإرهاب يخسر رهانه على الفتنة

أظهر التفجير الارهابي المزدوج، الذي استهدف مقهى في جبل محسن، أن القيادات السياسية قادرة في مفترقات خطيرة على الامساك بزمام المبادرة وأخذ الامور إلى البعد اللبناني والوطني، عبر حالة تضامنية لا مكان فيها للتشكيك أو المواربة أو التبرير لفعل الاجرام.

ومرة جديدة، يقول قطب سياسي، يثبت الرئيس سعد الحريري ان بمقدوره الامساك بالشارع، اذ بموقفه الذي اعقب التفجير الارهابي والذي لم يقتصر على الادانة والشجب والاستنكار انما تعداه الى التعهد باصلاح الاضرار والتعويض على ابناء جبل محسن، وضع سقفا للمواقف السياسية وتحديدا في فريقه، إن على مستوى «تيار المستقبل» أو على مستوى قوى «14 آذار». كما ان موقفه أكد بما لا يقبل الجدل الفصل التام بين طرابلس وأهل السنة في لبنان وبين تنظيمي «داعش» و «النصرة».

بعد سحب الغطاء السياسي، سحب تلقائياً الغطاء الشعبي، إذ أن المواطن المعدم في أحياء البؤس في الشمال صار يحسب ألف حساب قبل التجاوب مع أي ضغط أو ابتزاز أو إغراء إرهابي لا أمان له.

واذا كانت الدوافع وراء التفجير الارهابي الاخير متعددة، الا ان القطب السياسي يركز على سببين رئيسيين:

– إفشال الحوار القائم بين «حزب الله» و «تيار المستقبل»، لأن هذا الحوار سيكون له أثمان وهو رفع أي غطاء أمني وسياسي عن المجموعات والرموز المسلحة. وفي هذا السياق، سرّبت معلومات عن أن هذا الحوار يتناول مصير «سرايا المقاومة» وانه تم إحراز تقدم في هذا الاتجاه. ويؤمل من هذا الحوار تبريد الساحة السنية وتأمين تجاوبها مع متطلباته بما يفقد الارهابيين أي بيئة يمكن ان يتحركوا ضمنها، علماً أن هؤلاء الإرهابيين يخشون أيضا دفع الثمن على الساحة اللبنانية في ظل هذا التقارب بعد فشلهم في التوسّع باتجاه الداخل اللبناني.

وما يؤكد صحة هذه النظرية هو ردة فعل الشارع الطرابلسي ومرجعياته السياسية التي بدت حريصة على استمرار الاجواء الهادئة لمتابعة هذا الحوار، في حين كانت «النصرة» و «داعش» يراهنان على قيام ردة فعل غرائزية تعيد التوتر المذهبي الى الساحة الطرابلسية بشكل يهدد استمرار الحوار. والفضل الاساسي في افشال الفتنة كان لموقف اهالي جبل محسن الذين تمسكوا بمرجعية الدولة كحام لهم وبالقضاء في احقاق الحق.

– إعادة إحياء النزاعات المذهبية من خلال التذكير بالتفجيرين الارهابيين اللذين استهدفا مسجدي «التقوى» و «السلام» في طرابلس وعدم محاكمة المتهمين، لان التفجير الارهابي المزدوج في مقهى ابو عمران تزامن مع اصدار مذكرة توقيف غيابية بحق النائب السابق علي عيد، فاختار الارهابيون التوقيت الذي كان من المقرر ان يمثل فيه عيد امام القضاء، والايحاء بأن عدم الاقتصاص قضائيا من جريمة تفجير المسجدين، اباحت للارهابيين تنفيذ «عدالتهم».

ما يؤكد هذين السببين، بحسب القطب السياسي، «ان منطقة باب التبانة ـــ جبل محسن شهدت في الآونة الاخيرة استرخاءً أمنياً ترجم بعودة الحياة الطبيعية والتواصل بين المنطقتين، حتى ان الجولتين الاخيرتين من المعارك في طرابلس لم تتطورا الى مواجهة بين المنطقتين بل اقتصرت المواجهة بين الجيش وبعض المطلوبين في باب التبانة، على الرغم من ان تطورات أمنية أقل حجما حصلت في السابق كانت كفيلة بإعادة التوتر الى هاتين المنطقتين، وهذا ما يفسّر وجود أكثر من خمسين شخصا كانوا يتواجدون في المقهى رغم برودة الطقس».

ويتمسك القطب بالحذر الشديد عبر قوله «هذه المعطيات، ويضاف إليها إخراج سجن رومية من قبضة الإرهابيين، لن تدعو داعش والنصرة الى التسليم والاحجام عن ارهابهما، لان مخططهما يبقى إعادة عقارب الساعة في لبنان إلى الوراء بعد فترة من الاستقرار المشوب بالحذر».