من شاهد وجه بشّار الأسد بالأمس وقد أصبح «عرض أصبعتين»، وبدا منظر أذنيْه نافراً جداً، يُدرك أيّ انهيار يعيشه هذا القاتل الذي قضى حتى الآن على ما يقارب ثلاثمائة ألف قتيل من شعبه باستثناء المفقودين والجرحى والمشوهين وملايين اللاجئين، يتشدّق بشار الأسد كجماعة الممانعة، بعدما تحوّل من الصورة التي يختبئون وراءها إلى «فضيحة» كبرى لمشروع إيران المتهاوي في المنطقة فقتلاها وقتلى حزب الله بالمئات في حلب، ومن سمع التهديدات الغاضبة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لاڤروڤ ـ بعد سقوط طائرة روسية أول من أمس في معارك حلب ـ بمنع تراجع «جيش» بشار الأسد في حلب، يستنتج ببساطة أنّ روسيا نفسها أدركت أنّها فشلت في تغيير موازين القوى العسكرية على الأرض، فمع توقف الطيران الروسي عن القصف انهارت الميليشيات الشيعيّة الإيرانيّة اللبنانية والعراقية والباكستانية والأفغانيّة، ببساطة؛ من دون الغطاء الجوي الذي لن تستطيع روسيا إلى ما لا نهاية، نظام الأسد سقط وانتهى، بالرّغم من «عنتريّات» بشار التي أطلقها بالأمس بصفته مريض منفصل عن الكون لا عن الواقع فقط!!
عامان من القتل المجاني الإضافي، يعيشها الشعب السوري ولدت فيها «داعش» الإرهابيّة منذ حزيران العام 2014، منذ أعيد فرض القاتل بشار الأسد رئيساً لـ»آلة القتل» في سوريا لسبع سنوات ـ انقضى منها عامان ـ بنسبة قرّر بشّار أن تتنكّر بـ»حلّاس» ديموقراطيّته الدمويّة، التي تراجعت إلى 88,7 بالمائة، يومها لم يتورّع بشّار الإرهابي عن الادّعاء كذباً أنّ «نسبة المشاركة العالية في الانتخابات رسالة قوية للغرب والدول المتورطة بالحرب على سوريا بأن الشعب السوري حي ومصمم على تقرير مصيره بنفسه»!!
في مطلع أيلول العام 2013 أطلق فيصل المقداد توهمّاً وهذياناً بعد تهديد باراك أوباما نظامه بضربة بعد مجازر السلاح الكيماوي في الغوطة، بلغ هذيانه حدّ القول: «دمشق لن تغيّر موقفها تحت وطأة التهديدات بضربة عسكرية غربية محتملة ضدها، وإن أدى ذلك إلى اندلاع «حرب عالمية ثالثة، طهران وحزب الله سيتدخلان لمساعدة سوريا لأن مصالح إيران الإستراتيجية ستكون بخطر في حال حصول الضربة»، منذ ذلك التاريخ تغيّرت أشياء كثيرة، سقطت الهيبة الروسيّة على الأرض التركيّة، لذا انخرط بشار الأسد في هذيان اتهامات إرهابيّة للرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، وليس من قبيل المصادفة أن يستهدف حزب العمال الكردستاني وراعيه التاريخي نظام آل الأسد وسط اسطنبول بسيارة مفخخة!!
الهيبة الروسية لا تتحمل سقوط طائرة ثالثة، و»العنجهيّة» الإيرانية باتت تشعر بالحرج الشديد من تعداد جنرالاتها القتلى في حلب، فيما حشد قاسم سليماني الشيعي، وقع عليه خبر وقف الغارات الجوية للتحالف الدولي على الفلوجة، فانكشفت بربريّة إيران الشيعيّة والمقتلة العظيمة التي ترتكبها بحقّ المدنيين الأبرياء من أهل السُنّة في العراق، وسط صمت عربي ودولي مخزٍ ومخجل!!
يلفت النظر أن الحوارات الجانبيّة الروسيّة ـ الأميركية التي باتت تعرف بـ»اتفاق لاڤروڤ ـ كيري» لم ولن تتوصل إلى نتيجة، القتل مستمرّ، ووسط هذا البحر من الدّماء يحتاج بشار الأسد إلى جرعة توحي أنّه ما زال موجوداً في الصورة، لم يتغيّر شيء في الموقف الدولي من قتل الشعب السوري، في أيلول العام 2015، دان الرئيس الأميركي باراك أوباما في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ـ غامزاً من قناة الرئيس فلاديمير بوتين ـ من يؤيدون قادة مثل الرئيس السوري بشار الأسد، ووصفه بأنه طاغية قاتل للأطفال، وردّ عليه بوتين بأن عدم التعاون مع نظام الأسد خطأ جسيم، بعد أشهرٍ من التناغم الروسي ـ الأميركي لم يتوقف القتل، وخلال هذه الشهور الدمويّة الصعبة لم يكفّ وزير الخارجيّة السعودي عادل الجبير بالتهديد بالتدخل العسكري البري في سوريا، مع حرصه في كلّ مرّة أنّ التدخّل محتاج لغطاء دوليّ!!
ووسط هذا الضياع الدولي والعربي، الشعب السوري يموت، وبشّار الأسد يستمتع بالوقت الإضافي المستقطع له من دم الشعب السوري لولاية رئاسيّة جديدة مرّ منها عامان وثبت فيها فشل روسيا وأميركا وإسرائيل وإيران في إنقاذ هذا النظام المتوحش!