اثار التطور الدراماتيكي على جبهة البقاع الشرقية بين التنظيمات الارهابية وحزب الله تساؤلات عدة حول مدلولات هذه الهجمة المفاجئة وفي منطقة بعيدة عن خطوط المواجهة في جرود عرسال خاصة وان العملية بقيت محدودة ومضبوطة في الزمان والمكان من حيث فشل المهاجمين في تحقيق اي كسب ميداني وقدرة الحزب على الامساك بزمام الامور على الارض.
وقد ربطت مصادر سياسية مطلعة بين التصعيد الارهابي على الحدود الشرقية من جهة وتسلسل المواقف الاقليمية والدولية من الوضع على الحدود السورية – التركية من جهة اخرى، معتبرة ان التصعيد التركي والاستعداد للتدخل المباشر ضد «داعش» قد كشف عن معطيات مفاجئة في منحى الصراع الدولي مع الارهاب والمواجهة الاقليمية مع هذا التنظيم والتي قد تأخذ منحى جديدا في المرحلة المقبلة. وعلى الرغم من المسافة الجغرافية البعيدة ما بين الحدود مع تركيا والحدود مع لبنان، فان اتساع جبهات المواجهة مع «داعش» من الداخل السوري الى الخارج المجاور، يشير الى ان ما يعلن من استراتيجية غربية بقيادة اميركية للقضاء على الحركات المتطرفة الارهابية، لا يتطابق مع النوايا الحقيقية
لدى الادارة الاميركية والتي تحدث عن جانب منها نائب الرئيس الاميركي جو بايدن اخيرا عندما كشف عن اخطاء ارتكبت من قبل دول المنطقة وادت الى تعاظم نفوذ وقوة الارهابيين في سوريا.
واكدت المصادر السياسية المطلعة ان ردود الفعل التي اثارتها تصريحات بايدن ومبادرته لاحقا الى ايضاحها، لا تعني ان واشنطن قد تخلت عن اتهاماتها بل على العكس فهي تقوم بالرد على كل من اتهمها بالتغاضي عن التدخل مما ادى الى المأزق الحالي، بالتأكيد بانه تحت عنوان الصراع مع النظام السوري من قبل القوى الاقليمية، جرى تسليح وتمويل حركات ارهابية مرتبطة بالقاعدة وادى ذلك الى النفوذ والانتشار الضخم لتنظيم «داعش» والذي بات يمثل خطرا مباشرا لكل الدول في المنطقة وليس فقط في سوريا او للنظام السوري.
وبمعزل عن سوء التفاهم الاميركي – الاقليمي حول مواقف بايدن فان الانتقال من مرحلة الى اخرى في الحرب الدولية على «داعش» قد بدأ على حد قول المصادر، وهو يقوم على اساليب جديدة من المواجهة ظهرت بشكل جلي في التنسيق الاخير في كوباني حيث تمكنت طائرات التحالف من صد هجوم كبير على المدينة بشكل فاعل وعبر التعاون مع المقاتلين الاكراد. وفي هذا المجال وجدت المصادر ان ملامح المرحلة الجديدة برزت عبر قرار التدخل التركي بموازاة قرار التنظيمات المتطرفة تصعيد هجومها ضد لبنان من خلال هجوم مسلحي «النصرة» والذي بدا وكأنه عملية تمهيدية وتحضيرية لاي تحرك عسكري من قبل الارهابيين باتجاه الاعداد لمعركة عرسال التي يكثر الحديث عنها في الاونة الاخيرة.
واضافت المصادر نفسها انه بعد تطورات الساعات الـ 24 الماضية فان لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وبالتالي فان حجم المخاطر الامنية بات كبيرا ومرتقبا في اي منطقة وفي اي وقت، مشددة على اهمية السياسة الاستباقية التي تتبعها الاجهزة الامنية والتي اثبتت فاعليتها خلال الاسابيع الماضية. وركزت على ان الواقع الامني يغطي على كافة العناوين الدستورية والسياسية والاجتماعية الاخرى، من دون اسقاط قضية العسكريين المخطوفين لدى «النصرة» و«داعش» والتي تأخذ ابعادا جديدة لجهة التصعيد من قطع الطرقات في المناطق. واعتبرت ان الاولوية الامنية لا يجب ان تمنع الاولايات السياسية وفي مقدمها دعم حركة التشاور التي انطلقت في الكواليس للوصول الى امكانية تفاهم داخلي ولو بايحاءات خارجية واضحة تركز على تمتين الجبهة الداخلية في وجه الهجمات الارهابية المرتقبة.