رسمت التطوّرات الأمنية المسجّلة في عطلة الأسبوع الماضي علامات استفهام حول مدى صمود الجبهة الداخلية في منطقة عرسال، في ضوء قدرة العناصر الإرهابية على التسلّل إلى داخل عرسال والبلدات المجاورة بهدف تنفيذ عمليات إنتحارية، وذلك في استعادة لمشهد مسلسل التفجيرات الإنتحارية التي شهدتها الساحة المحلية منذ أشهر، وتحديداً قبل معركة القلمون. وقد تزامنت هذه التطوّرات مع انهيار للمفاوضات الجارية لإطلاق العسكريين المخطوفين بوساطة قطرية، وهو ما وضعته مصادر نيابية في كتلة تيار «المستقبل» في سياق الإنزلاق التدريجي نحو الباب المسدود في هذه القضية، والتي تشهد المزيد من الفصول المروّعة والمخيفة جراء الجرائم المرتكبة من قبل التنظيمات الإرهابية بحق عرسال «المحتلة»، كما بحق لبنان كله المهدّد بالفتنة والتصعيد الأمني.
وأكدت هذه المصادر، أن الحكومة تواجه مأزقاً بالغ الخطورة في ملف العسكريين المخطوفين، وذلك بسبب «خطوط حمراء» مرسومة لأي عملية تفاوض أو مقايضة جراء السجال الداخلي في صفوفها، وبين وزراء فريقي 8 و 14 آذار تحديداً. وأوضحت أن الخلاف حول مقاربة المفاوضات مع التنظيمات المسلّحة الخاطفة قد أدخل هذه القضية نفقاً مظلماً وأشاع أجواء من الإرباك في التعاطي مع عملية الوساطة القطرية، مما أدّى إلى إحباط كل محاولات فتح قنوات التواصل بين قطر وهذه التنظيمات، لا سيما بعد إعدام «جبهة النصرة» الجندي الشهيد علي حميّة وتهديدها بارتكاب المزيد من الجرائم.
وإذ كشفت المصادر النيابية في «المستقبل» نفسها، عن أن ما من وسيلة اليوم أمام الحكومة، كما كل القوى السياسية إلا الوقوف وراء عنوان واحد هو دعم الجيش ومساندته في مهامه الصعبة في حماية الحدود من تسلّل الإرهاب إلى الداخل، ولفتت إلى أن مساعي التهدئة التي انطلقت لوقف أي ردود فعل في الشارع على استشهاد الجندي حميّة، يجب أن تشكّل السقف السياسي لكل الأطراف في البقاع، وهو ما برز من خلال الخطاب السياسي الهادئ والمتّزن، على الرغم من بعض عمليات الخطف، والتي عملت القوى الأمنية على إحباطها والحدّ من تداعياتها في فترة زمنية قصيرة أول من أمس.
واعتبرت المصادر نفسها، أن التصدّي الدولي لتنظيم «داعش» والإرهاب بكل وجوهه قد وضع المنطقة، كما لبنان، في عين العاصفة، وجعل من الساحة الداخلية هدفاً مباشراً لهذا الإرهاب. وحذّرت من ترك أي ثغرة أو نافذة أمام الإرهابيين للدخول إلى لبنان وتهديد استقراره الذي ما زال قادراً على الصمود بفعل جهوزية الجيش، والتي تسمح له بإدارة المواجهة على الرغم من التضحيات الكبيرة التي يقدّمها بشكل يومي.
وركّزت المصادر نفسها على أن الإستقرار ما زال أولوية لدى المجتمع الدولي، كما لدى كل المكوّنات السياسية الداخلية، وبالتالي، فإن المجتمع الدولي الذي انطلق في عملية التصدّي للإرهاب ما زال حريصاً على إبقاء سقف الحماية الدولية فوق لبنان نظراً للحاجة إليه كمساهمة مستقرّة وسط المنطقة المشتعلة بالصراعات والمواجهات. ومن هذه الزاوية، تحدّثت المصادر النيابية عن استمرار الدعم العربي والدولي للجيش اللبناني وتجهيزه للوقوف بوجه الإرهاب الذي يهدّده اليوم أكثر من أي وقت مضى، خاصة في ضوء ما يتردّد من معلومات عن احتمال وجود سيناريو إرهابي يجري التحضير له من قبل التنظيمات المسلّحة لشنّ عمليات ضد لبنان في بعض المناطق البقاعية والشمالية، وذلك بهدف رفع مستوى الضغط على الحكومة، ودفعها إلى التجاوب مع مطالب المجموعات الإرهابية على أكثر من مستوى، وليس فقط على المستوى الأمني.