من لاهاي قالت كرمى خياط كم اننا جميعاً ضحايا دولة لبنانية لا مبالية، وضحايا محكمة دولية تنتهك سيادتنا وتمس بحريتنا الإعلامية وأهل الدولة نيام، وهل كان لهم في يوم حضور؟ الى أن سقطت تركيبة الدولة بعدما مدّد المجلس التشريعي لنفسه مرتين، وفشل في انتخاب رئيس للجمهورية. وكانوا قد أبعدوا السلطة القضائية عن التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، ولجأوا الى المحكمة الدولية الباهظة، يموّلها الشعب دافعاً ضرائب مرهقة الى دولة مفلسة لا تملك ما يسدد سلسلة رتب ورواتب يطالب بها الأساتذة والموظفون ورجال أمن وجيش من سنوات من دون جدوى.
سنون عشر والشعب اللبناني يموّل المحكمة الدولية التي تمس اليوم بحرية الإعلام، كل ما تبقى لنا من مساحة تشعرنا بحقنا في الحرية من غير أن تتدخل لقمعنا محكمة تحتمي بفصل سابع ضمّ كل مساوئ استعمار غربي طاول بلداننا لعقود قهر طويلة. عشر سنين على بدء المحكمة الدولية التي نعرف متى بدأت ولا نعرف متى تنتهي بعدما أضافت الى مهمتها الأصلية بند تحقيق في عملية تسريب أسرار الآلهة التي تحتفظ بها داخل ذاكرة “حواسيبها “، فنكتشف ان ما من عدالة لا عندنا ولا فوق القارة الأوروبية التي حمل اسمها من صيدون “زوش” ملك الآلهة اليونانية لمّا وقع في غرام “يوروبا” الحسناء الصيدونية فأخذها معه الى جبل “الاولمب” وتزوجها وأطلق اسمها على القارة السعيدة.
شكراً كرمى، لقد ذكّرت الدولة اللبنانية من لاهاي انها نأت بنفسها عن الحياة. وأربكتِ المحكمة الدولية لمّا ألقيتِ كلمة الافتتاح لفصل جديد من المسرحية القديمة. كان الشهود مربكين، والقاضي الذي طلب من أحد المحققين الاختصار خوفاً من سخرية الحضور، كان متعباً وضجراً. عرفوا جميعاً ان الزمان طال بين ما يجري بين بيروت ولاهاي. حتى حكاية “الإضافات” التي أنتِ بطلتها اليوم، تساهم في إطالة زمن المحكمة، وما عادت تفاصيل فصولها تنطلي لا على اللبنانيين ولا على غيرهم.
ما بنى اللبنانيون وطناً حقيقياً بعد، أيتها الإعلامية الذكية، فقد أنهكتنا مذاهبنا الدينية الكثيرة مدى تاريخنا القديم والحديث. وقد اعتاد حكامنا الخضوع لمن يخضعهم ويخدعهم. لذا يلجأ الغرب الى محاكمتنا كلما فتحنا نوافذنا على الحرية. “فكبارنا” قبضوا ثمن سكوتنا من زمان، فلا يتدخلون خوفاً من المساءلة… والحق ليس معهم ولا يعرفون الحقيقة.