Site icon IMLebanon

أن يكون مرشح التحدّي  رئيساً توافقياً…

قبل الإدمان على التبصير في فنجان الانتخاب الرئاسي والمراهنات المتضاربة على المرشحين المحتملين بأسلوب المراهنة على أحصنة السباق، لا بد من العودة الى الأسس التي قام عليها لبنان منذ التأسيس كوطن تعددي يقوم على التوافق بين عائلاته الروحية. وما يفجّر بركان الأزمات في لبنان، من الشغور الرئاسي والى سلسلة الأزمات الأخرى الفادحة على كل صعيد، هو الممارسة السياسية العشوائية قصيرة النظر التي احتفظت بنصف المعادلة كوطن تعددي وأسقطت النصف الحيوي الآخر المتعلق بالتوافق، فأصبحت كل عائلة روحية تغرّد على هواها، ولا يخلو ذلك من تغريدات متنافرة داخل العائلة الواحدة نفسها…

***

حالة الاهتراء السياسي في لبنان اليوم هي نسخة الكربون عن حالة الاهتراء العسكري في سوريا. وحالة تشتت الأفرقاء السياسيين وتناقض اتجاهاتهم وعدم تقاطعهم على رأي توافقي، يشبه حالة الميليشيات والقوى النظامية في سوريا. ومن حسن الطالع اللبناني ان السعي نحو الحسم يتخذ في لبنان طابع الحوار والتواصل حتى بين الخصوم والمتباعدين، فضلاً عن الحلفاء والمتقاربين… بينما يجري وهم الحسم في سوريا بالحديد والنار والمجازر والدمار. وفي لبنان وسوريا يقع الأفرقاء ضحيّة الخداع نفسها، أما بخداع أنفسهم واما بخداع موحى به من الخارج، من أن النصر يلوح في الأفق وقد اقترب كثيراً!

***

لا بد إذن، من العودة الى الأصل، واكمال معادلة الوطن التعددي بنصفها الآخر المتعلق بالوفاق. وهذا هو جوهر التوجه الذي يدعو اليه الرئيس نبيه بري وأطلق عليه تسمية السلّة. وفي الجوهر أيضاً، فان هذه الدعوة في عمقها تصبّ في مصلحة ترشيح العماد عون، إذ تقدمه الى الوطن والى مختلف قواه السياسية كمرشح توافقي عملياً، وينتهج مساراً متفقاً عليه سلفاً. وهذا هو الأسلوب الأمثل ليخرج العماد عون من صورة مسيرته السياسية الطويلة كطرف وكزعامة قائمة على الاقتحام والتحدّي، الى صورة رئيس توافقي على برنامج يحظى بموافقة القوى السياسية الفاعلة للعائلات الروحية في لبنان كدولة ذات نظام ديموقراطي لا كدولة ذات نظام فردي مقنّع.