حمل تأجيل اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة قانون الإنتخاب، مؤشّراً واضحاً على تشعّب الخلاف السياسي واتّساع رقعة التباين ما بين أفرقاء السلطة، على الرغم من سعي رئيس الحكومة سعد الحريري، لتبريد الأجواء عن طريق الحديث عن مناخات إيجابية، وعن عدم وجود رغبة لدى الرئاستين الأولى والثانية في الذهاب نحو تصعيد الإشتباك السياسي بينهما، وعن قرار مشترك بعدم السماح بانزلاق الوضع نحو المزيد من المواجهات على صعيد المؤسّسات الدستورية. وقد قالت أوساط وزارية مطّلعة، أن الخيار الأمثل، كان تأجيل الإجتماع بسبب التجاذبات الحاصلة خارج اللجنة، كما داخلها، حول التعديلات المطروحة بشكل خاص من قبل وزير الخارجية جبران باسيل. وتوقّعت بالتالي، أن تنشط الإتصالات على أكثر من مستوى بين القوى السياسية للإفادة من الفترة الفاصلة عن موعد الإجتماع الثاني لتحديد مسار التعديل، خصوصاً وأن أطرافاً حكومية بدأت تتحدّث عن طعن وإبطال فيما لو لم يتم تعديل بعض المواد. وفي هذا السياق، فإن كل ما سجّل على صعيد الخلافات حول التعديلات، كما حول آليات تطبيق قانون الإنتخاب الجديد، سيبقى مرهوناً بمدى نجاح الجهود التي يحرص على رعايتها رئيس الحكومة، وذلك لإبعاد شبح الخلاف الذي هدّد عمل اللجنة الوزارية عن طاولة مجلس الوزراء.
وانطلاقاً من هذا الواقع، فإن التأجيل قد يكون خياراً محتملاً في الأسبوع المقبل، وربما حتى بعد عودة الرئيس الحريري من سويسرا، كما أضافت الأوساط الوزارية نفسها، والتي كشفت أن لا مجال لأي توافق بين أعضائها في المدى المنظور، علماً أن الإنقسام في الرأي بات مكرّساً داخل هذه اللجنة، وكان سبب فشلها في تأدية المهام المرسومة لها نتيجة التباعد في الآراء والتوجّهات والمقاربات السياسية لكيفية تطبيق النسبية في الدرجة الأولى قبل طرح تعديلات أخرى.
ووفق الأوساط نفسها، فإن أي تطوّر لن يسجّل قريباً على محور هذه اللجنة، لا سيما مع تقدّم المهل الدستورية والعجز في تأمين إجماع لتمديد مهلة تسجيل المغتربين، خاصة وأن موعد اقتراعهم هو قبل السادس من أيار المقبل. وأوضحت أن الخلافات داخل هذه اللجنة تتّجه نحو التصعيد مع تكريس الأزمة السياسية وتبدّل الحسابات ما بين العديد من الأطراف التي باتت في معسكرات مضادة، بعدما كانت مجتمعة في تحالف واحد، وتستعد للتعاون في الإستحقاق النيابي المقبل. وكشفت أن إعلان القوى المشاركة في اللجنة عن تأييدها لاقتراح الوزير باسيل، ولكن مع التحفّظ على إمكانية ترجمته في المرحلة المقبلة، يعود إلى الرغبة في التهدئة من قبل الجميع او الاغلبية السياسية المشاركة في هذه اللجنة.
كذلك، فقد توقّعت الاوساط استمرار أعمال هذه اللجنة في السياق نفسه، ولكن من دون أن يؤدي الخلاف الكبير بين أعضائها إلى أي ارتدادات سلبية على الإستحقاق نفسه، لا سيما وأن عملية تشكيل اللوائح الإنتخابية قد اقتربت من مراحلها الأخيرة في بعض الدوائر، كما أن الأحزاب المشاركة في الحكومة قد حسمت مسألة الترشيحات الخاصة بها، وهي الآن في سياق البحث في التعاون الإنتخابي في ما بينها، وذلك وفقاً لحساباتها الخاصة، وبحسب واقع كل دائرة على حدة. وأكدت أن قطار الإستحقاق قد انطلق، بينما البحث مستمر في آليات التطبيق، مع العلم أن أي نتيجة قد تتبلور قريباً.