لا يزال عقد جلسة تشريعية لإقرار اقتراحات ومشاريع قوانين مرتبطة بشؤون مالية موضع أخذٍ وردّ، في ظلّ إصرار الرئيس نبيه بري على عقدها تحت عنوان «تشريع الضرورة»، وربط القوى المسيحية الأساسية حضورها بإدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال.
في العلن، يدور الحديث عن حرب كيديات سياسية بين برّي ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، ومزايدات مسيحية ــ مسيحية تحول دون الوصول إلى تنازلات تؤمّن عقد الجلسة، على رغم ما يتردّد عن مواعيد ضربها البنك الدولي لإقرار سلسلة قوانين، قد تحمّل لبنان عواقب مالية «خطيرة» في حال لم تقرّ قبل نهاية العام الجاري.
لكن، رغم أن الملف اللبناني ليس على سلم الأولويات الدولية حالياً، يدور حديث آخر في «الكواليس» عن اهتمام أميركي وغربي بعقد الجلسة، لجهة بتّ قوانين مالية تتعلق بمكافحة الارهاب وتبييض الأموال، وفي مقدّمها بند «انضمام لبنان إلى الاتفاقية الدولية لمكافحة الإرهاب». ويلفت سياسي لبناني الى أن الدبلوماسيين الغربيين الذين يزورون لبنان، يؤكدون في كل مرّة أن «ملف محاربة الإرهاب هو الوحيد الذي لا يزال يربطهم بهذا البلد حتى الآن». واستناداً إلى لقاء جمعه بمسؤولين أميركيين وأوروبيين، يؤكّد السياسي نفسه أن «هناك ضغطاً غربياً لعقد الجلسة في أسرع وقت، وما يريده الغربيون منها أربعة قوانين»، مستغرباً «التعتيم الإعلامي عليها والتركيز على تفاصيل صغيرة». هذه القوانين هي: التصريح عن نقل الأموال عبر الحدود البرية، مكافحة تبييض الأموال، تبادل المعلومات الضريبية، والانضمام إلى الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب. والأخير، قُدّم بصفة معجّل مكرر قبل أيام، ولم يكُن مدرجاً على جدول الأعمال الذي وزّعته أمانة المجلس.
بحسب المسؤول نفسه، يعتبر الغرب هذه المشاريع الأربعة بمثابة «صفقة واحدة». وفي نظرة على أسبابها الموجبة، يتضح أن جميعها يندرج في إطار تطبيق الاتفاقات المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتماشياً مع التوصيات الصادرة عن مجموعة العمل المالي (Gafi)، التي أدرجت في اجتماعها الدوري الشهر الماضي لبنان في لائحة الدول غير المتعاونة في ما يتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب وتبييض الأموال، مشيرة الى أن «عدم التزام لبنان بالمعايير الدولية المتعلّقة بالشفافية الضريبية وتبادل المعلومات قد يعرّضه لضغوطات دولية من شأنها أن تؤثر سلباً على مركزه المالي والاقتصادي».
المسؤول اللبناني ينقل عن الدبلوماسيين الغربيين أن «باقي البنود على جدول أعمال الجلسة شأن محلّي لا علاقة لنا بها»، وأن «اهتمامنا بالبنود الأربعة ينطلق من ارتباطها بعلاقة الدولة اللبنانية مع المجتمع الدولي، وخصوصاً في ظل تمّدد الجماعات الإرهابية في المنطقة، وتحديداً تنظيم داعش». وينقل السياسي عن الدبلوماسيين الغربيين تحذيرهم بـ«نبرة تهديد مبطّن» من أن «التعاملات مع البنوك اللبنانية ستصبح معقّدة للغاية»، و«ستتوقف التحويلات إلى لبنان بالدولار، لأن أغلبها يمر عبر البنوك الأميركية».
السياسي نفسه يلفت الى أن الفقرة «ب» من البند الأول من المادة الثانية للاتفاقية الدولية لقمع تمويل الارهاب تثير التباساً كبيراً لجهة تعريف الارهاب واعتبار المقاومة المشروعة ضد الاحتلال عملاً إرهابياً، مشيراً الى أن «حزب الله تحفّظ على هذه النقطة خلال مناقشتها في اللجان المشتركة». وفي رأي السياسي نفسه، فإن هذا البند «يستهدف الحزب»، مذكّراً بتقرير نشره معهد واشنطن سابقاً عن «نشاط الحزب في استثمار وغسل الأموال». وفي المقابل، تؤكد مصادر قريبة من الحزب أنه متنبّه لهذا الامر، علماً بأن الأميركيين، والقيّمين على النظام المصرفي اللبناني، يعرفون أن الحزب لا يستخدم القنوات المصرفية اللبنانية في تمويله.
استناداً إلى ما سبق، «تجد الولايات المتحدة والدول الأوروبية في القوانين الأربعة فرصة لاستهداف حزب الله في الدرجة الأولى»، على ما يقول السياسي. وهذه الخلاصة هي «زبدة» الموقف الأميركي والغربي من الجلسة التشريعية، لافتاً الى أنها المرّة الأولى التي يتحدّث فيها هؤلاء بشكل مباشر وواضح عن الملف اللبناني، بعدما كان تجاهل الوضع على الساحة الداخلية هو سيد الموقف في كل اللقاءات السابقة.