Site icon IMLebanon

هذا ما تبوح به المجالس الخاصة في «14 آذار»

حسابات «مركّبة» للحريري.. ومسيحية لجعجع

هذا ما تبوح به المجالس الخاصة في «14 آذار»

تبوح المجالس الخاصة، لبعض شخصيات «14 آذار»، في هذه الأيام بكلام صريح حول الدوافع الحقيقية الكامنة، من وجهة نظرها، خلف ترشيحي الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية وسمير جعجع للعماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية.

ويعكس هذا الكلام الذي يتردد في الغرف المغلقة، تصنيفاً قاسياً للفارق بين المرشحين الاثنين، وصولا الى ربط قراري الحريري وجعجع بحسابات شخصية.

ويُنقل عن شخصية مسيحية في «14 آذار» قولها إن عودة الرئيس الحريري الى السلطة أصبحت حاجة ملحة بالنسبة اليه في هذه المرحلة، لأنه يظن انها ستساهم في الخروج من أزمته الحالية، وتسهيل إعادة تموضعه في المنظومة الملكية الجديدة التي تقود السعودية.

وتشير الشخصية ذاتها الى انه عند الانتقال سابقا من زمن الملك فهد الى زمن الملك عبدالله، استطاع الرئيس رفيق الحريري بحجمه وخبرته مجاراة التحول الحاصل والتكيف معه بسلاسة، لافتة الانتباه الى ان مهمة الرئيس سعد الحريري تبدو أصعب، لان التحول من عهد الملك عبدالله الى عهد الملك سلمان انطوى على انعطافة أكبر وأشمل، تغيرت معها منظومة الحكم في العديد من المفاصل والأدوار، وبالتالي فإن الحريري ـ الابن وجد صعوبة في المحافظة على موقع متقدم في صفوفها الأمامية.

ووفقا للشخصية ذاتها، يعتقد الحريري ان عودته الى السلطة ستدفع المملكة الى التعاطي معه كرئيس للحكومة، الامر الذي من شأنه ان يسهل عليه استكمال «عملية التطبيع»، وبالتالي فتح الأبواب المغلقة كليا أو جزئيا أمامه في القصر الملكي، لكنه توصل في الوقت ذاته الى قناعة بأن استعادة مفاتيح السرايا لا يمكن ان تتم إلا عن طريق رئيس للجمهورية من «8 آذار».

وتوضح الشخصية المسيحية أن الحريري ساهم، ضمن الهامش المتوفر له، في تسويق اسم فرنجية لدى السعوديين الذين يهمهم ان يكونوا شركاء في صناعة التوازنات اللبنانية ببطانتها الاقليمية، «والأرجح ان المملكة تفترض ان الحريري يستطيع ان يحمي مصالحها من خلال ثنائية السلطة مع فرنجية، أما علاقة رئيس تيار المردة بسوريا فليست مقلقة للرياض التي تعتقد ان الرئيس بشار الاسد لم يعد قويا، كما كان وضعه في حقبة النفوذ السوري في لبنان».

وتشير الشخصية نفسها الى أن الحريري يعاني من صعوبات مالية حقيقية، بدأت طلائعها الاولى تلوح مع توزع ثروة والده على الأبناء، ثم أتت التحولات في السعودية، وما رافقها من تراجع في مكانته، لتستكمل شد الخناق المادي عليه، فسعى الى اختصار المسافة نحو استعادة مكانه في معادلة «السلطة والمال»، عن طريق بنشعي.

وماذا عن حسابات جعجع وراء ترشيح عون؟

تؤكد الشخصية المسيحية المعروفة بخصوصيتها في «14 آذار» ان جعجع انطلق في انعطافته من حسابات مسيحية بالدرجة الاولى، مفترضا ان «التيار الحر» في مرحلة ما بعد عون لن يبقى كما هو حاليا، وان «كاريزما» الجنرال التي استطاعت استقطاب شريحة واسعة من المناصرين لن تنتقل على الارجح الى غيره، لا سيما ان الوريث المفترض جبران باسيل سيواجه صعوبات في داخل التيار ولن يكون بمقدوره لمّ الشمل.

وتلفت تلك الشخصية الانتباه الى ان جعجع أراد ان «يتسرب» من خلال التفاهم الرئاسي مع عون الى القاعدة البرتقالية لكسر الحاجز النفسي الفاصل بينه وبينها تحضيرا للمستقبل، وحتى يكون قادرا على استمالة أو جذب بعض جمهور التيار، عندما يحين أوان الفرز.

كما ان جعجع يعتبر، وفق تحليل الشخصية ذاتها، ان تكريس مبدأ انتخاب الرئيس القوي سيسمح له بأن يكون المرشح المتقدم بعد عون، على قاعدة ان «القوات» تمثل الفريق المسيحي الوازن خلف التيار، ثم ان جعجع يفترض ان عون لن يصل أصلا الى الرئاسة، وبالتالي ليس هناك ما يخسره.

وتعتبر الشخصية ذاتها ان التوافق المسيحي بحد ذاته مطلوب، والشارع كان ينتظره، لكن ما حصل بين عون وجعجع هو توافق على المسيحيين وليس من أجلهم، لأنه من دون جوهر سياسي عميق، والبنود التي تم على أساسها إطلاق إعلان النيات ثم ترشيح الجنرال هي بنود عامة.

وتشدد الشخصية على ان محاولة اختزال المجتمع المسيحي بعون وجعجع لن تنجح، لأنه من غير الممكن تعليب هذا المجتمع الذي لا يرتبط بـ «التيار» أو «القوات» أو غيرهما من التنظيمات بحاجة ومصلحة ماديتين، خلافا للواقع السائد في بيئات أخرى حيث استطاعت القوى السياسية ان تجذب الناس اليها من خلال شبكة مساعدات وتقديمات اجتماعية، وعليه ليس سهلا التحكم بمزاج الجمهور المسيحي عموما أو دفعه بطريقة آلية نحو أي من الاتجاهات، وليس صحيحا ان أي تحالف انتخابي بين «التيار» و «القوات» سيؤدي الى اكتساح بعض الدوائر.

وإذا كانت الشخصية المسيحية تؤكد أن جعجع وعون هما المرشحان الفعليان الوحيدان، حتى الآن، إلا أنها تعرب عن اعتقادها بأن ورقتيهما ستحترقان لاحقا. أما إذا بقيت المعركة محصورة بهما فإن هناك في «14 آذار» من سيكون مضطرا الى الاختيار انطلاقا من معيار الانتقاء بين السيئ والأسوأ، على قاعدة ان انتخاب أحدهما سيكون بمثابة السم الذي يجري في الجسم سريعا، أما انتخاب الآخر، فسيعني تجرع السم على جرعات.