محاولة لتعويم أوراقها الإقتصادية “الساقطة في الشارع“
دوْس الحكومة الجديدة على «لغم» موازنة 2020 كان متوقّعاً، إنما ما كان خارج الحسبان هو مناقشتها وتبريرها والحكومة لم تنل بعد ثقة المجلس النيابي. الواقعة التي قد تكون سابقة في تاريخ العمل الدستوري اللبناني ليست هي المشكلة رغم خطورتها، إنما السير في أرقام موازنة كانت السبب في إشعال ثورة إقتصادية وإجتماعية هو التحدّي الأساسي أمام الحكومة الجديدة.
لا شك في أن موازنة العام 2020 لن تكون الخطة المنشودة التي تساعد لبنان على الخروج من الأزمة الإقتصادية، فهي “ساقطة” في امتحان تخفيض النفقات وزيادة الإيرادات قبل أن تبصر النور.
تقرير وزارة المالية، أشار قبل نهاية العام الماضي إلى تسجيل الإيرادات إنخفاضاً بنسبة 35 في المئة أو ما يعادل 4 مليارات دولار. وأن الضريبة على أرباح المصارف المفروض أن تؤمن 400 مليون دولار لم تعد مضمونة. وليس من المؤكد ان يستطيع “المركزي” تأمين قرض الـ 3 مليارات دولار للمساهمة في تخفيض العجز. وبالتالي فإن”الخشية هي في أن تتفاقم أرقام المالية العامة ويزداد تقلّص النمو العام وترتفع نسب الإنكماش الإقتصادي أكثر، وبالتالي يزداد الفرق بين الإيرادات المقدرة والإيرادات التي من الممكن تحقيقها”، يقول عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص.
نفقات مبالغة
هذا من ناحية الإيرادات، أما في ما خص النفقات فالوضع ليس أفضل، وبحسب عقيص فإنه “بالرغم من بذْلنا جهداً استثنائياً في تخفيض النفقات بشكل جذري خلال دراسة مشروع الموازنة، والعمل على تغيير طريقة إعدادها خصوصاً لجهة ضبط أبواب هدر المال العام المخفية ولا سيما موازنات المؤسسات العامة وأن تكون الموازنة إدارة لتنفيذ خطة إقتصادية نقدية مالية للحكومة فإنه مع الأسف لا هذا تحقق ولا ذاك وهناك تفاقم في الازمات”. يقف نواب لبنان حائرون أمام هذه “المهزلة الدستورية”، إذ انه “أقل ما يقال من قِبل الوزراء للنواب الذين يعترضون أو يسألون عن هذه الموازنة، لاعلاقة لنا بها فلسنا من وضعها”، يؤكد النائب الياس حنكش. ويضيف: “بأي صفة يحضر الوزراء الجلسة غداً قبل ان ينالوا ثقة المجلس. فهذه الموازنة المزمع إقرارها أنجزتها حكومة ساقطة وستدافع عنها حكومة لم تأخذ الثقة”.
موازنة أسقطت حكومة
أرقام الموازنة التي سيجري التصويت عليها اليوم أسقَطت حكومة سعد الحريري في الشارع، فكيف من الممكن ان تسير بها حكومة إدعت الإصلاح والإنقاذ؟ سؤال قد تكون الإجابة عنه مستعصية في الشكل، إنما في المضمون فهذه الموازنة ليست إلا استمراراً لنهج “الموازنات الورقية “، الذي يعمل على تخفيض النفقات دفترياً فيما الواقع مخالف تماماً. ويلفت حنكش إلى أن “هذه السياسة القائمة على التكاذب لإرضاء المجتمع الدولي والجهات المانحة هي التي أوصلتنا إلى هذا المأزق”.
وعلى الرغم من أن أرقام النفقات والإيرادات النهائية لم تُعرف بعد على وجه الدقة من قِبل المحللين إلا ان ما يجري الحديث عنه أن هذه الموازنة تتضمّن “تحديد العجز في حدود 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتخفيض مدفوعات الدعم للقطاع الخاص والفوائد بالليرة على الدين العام والفوائد المستحقة لمصرف لبنان وبعض المصارف التجارية”، يوضح رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية منير راشد.
الموقع الضعيف للحكومة في مواجهة موازنة سابقتها، ممكن أن يتغير بعد فترة إذ يحق للحكومة بطلب من رئيس الجمهورية طلب إعادة النظر في الموازنة”. كما ان إمكانية تمرير الموازنة “في السياسية” والتصويت عليها من قِبل كتل السلطة لتنفيذ أجنداتها الخاصة لا يعني أن هذه الموازنة ناجحة. وبرأي عقيص فإن “تكتل الجمهورية القوية في صدد البحث لاتخاذ الموقف المناسب هذه الليلة سواء لجهة الحضور من عدمه والنقاط التي سيجري التركيز عليها في المناقشة في حال اتخذ القرار بالمشاركة”.