يدخل البلد الأسبوع الجاري في محطاتٍ لا تخلو من الصعوبة نظراً لدقتها وخطورتها في آن، أكان على صعيد الموازنة إلى الوضع الحكومي ومن ثم الإستحقاق الرئاسي، وما بينهما من أوضاع اقتصاديةٍ وإجتماعية مريبة، مع إمكانية أن تختلط الفوضى العارمة التي تتزامن مع انطلاق الإستحقاقات الداهمة إجتماعياً وحياتياً وتربوياً.
فعلى صعيد الموازنة، تكشف أوساط سياسية عليمة بأن الإتصالات التي جرت في الأيام القليلة الماضية، أدت إلى إقرارها ولو بأصواتٍ خجولة، وذلك مردّه إلى تحذيراتٍ وصلت إلى الكتل النيابية والمعنيين، مؤدّاها أن صندوق النقد الدولي يحذر من خطورة عدم إقرارها، هذا ما تنقله الأوساط السياسية عن أحد النواب العائدين من واشنطن، والذي كان قد اجتمع بمسؤولين إقتصاديين وماليين أميركيين، حيث سمع كلاماً كبيراً وتحذيرات من وقف الحوار بين لبنان والصندوق وكل المؤسسات والصناديق الضامنة، لأنه كان من المفترض أن ينطلق المجلس إلى مناقشة موازنة العام 2023 وأن تكون قد انتهت منذ أشهر موازنة العام الحالي.
لذلك تؤكد هذه الأوساط، أن هذه الموازنة ستقرّ مع تسجيل مواقف تأخذ الطابع السياسي والشعبوي، ولكن في نهاية المطاف، ليس بوسع اي طرف أن يعطلها لانه،ا وعلى الرغم من كلّ ما يعتريها من شوائب، تبقى حاجة في ظل واقع البلد الراهن مع إمكانية إجراء بعض التعديلات الاجتماعية، وهذا ما ستظهر معالمه خلال الساعات المقبلة بعد معاودة المجلس مناقشتها.
أما على الخطّ الحكومي والإستحقاق الرئاسي، فتقول الأوساط السياسية، إن الملف الحكومي يبدو في مراحله الأخيرة، إلاّ في حال استجدّ طارىءٌ، ما يعيد الأمور إلى المربع الأول إذا حصلت مفاجأة وأدت إلى خربطة كل ما تم التوافق عليه، لا سيما من خلال قراءة مواقف رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، الذي يبدو حتى الآن خارج الأجواء التوافقية بحسب مواقفه الإعلامية الأخيرة، حيث بدا غير مستعد لدعم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وتسهيل ما يؤمّن لها الشرعية الدستورية بعد التعديلات التي ستطاول بعض الوزراء.
من هنا، إن هذه المسألة وفي حال لم يتوجّه ميقاتي للقاء الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا بعد عودته من نيويورك، فان الحكومة ستبصر النور في نهاية الأسبوع وليس في بدايته، حيث تقول الأوساط إن كل ذلك مرتبط بالأجواء السياسية الراهنة والتي قد تنفجر لأي سبب، وربما من المجلس النيابي، في حال رأى بعض الأفرقاء أن الموازنة ستفجّر الوضع الإجتماعي نظراً لتردي الأوضاع على الأصعدة والمستويات كافةً.
أمّا رئاسياً، فيظهر بوضوح أن الإستحقاق الرئاسي خارج حسابات الموازنة والوضع الحكومي، وفق الأوساط السياسية نفسها، بمعنى أن هذا الإستحقاق دخل في لعبة التدويل بعد البيان الثلاثي الأميركي – السعودي – الفرنسي، وما ترافق معه من مواقف دولية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبمعنى أوضح فإن التوافق على رئيسٍ جديد للجمهورية، سيكون من ضمن اتفاق دولي – إقليمي، وليس عبر تفاهمات داخلية لما لذلك من صعوبات وتعقيدات، علماً أن أي تسوية خارجية تأتي برئيسٍ عتيد ليست بالامر المستغرب، على اعتبار أن ذلك حصل مع معظم العهود المتعاقبة على الرئاسة.