فقد القطاع النفطي العالمي والعربي روبير مابرو مؤسس معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة ومديره لأكثر من ٢٠ سنة. توفي مابرو في ٢٨ تموز (يوليو) عن 81 سنة في جزيرة كريت، حيث كان في إجازة مع زوجته جودي وابنتيه نائلة ونيفين. وكان أستاذاً باحثاً في جامعة أوكسفورد في اقتصاد الشرق الأوسط في ١٩٦٩ في كليتي سان أنطوني وسانت كاترين في الجامعة التي منحته لقب Emeritus fellow. وأسس مابرو في ١٩٨٢ معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة. وكان مؤمناً بأهمية التعاون بين المنتجين في «أوبك» وخارجها، وقربه من دول «أوبك»، وخصوصاً النافذة منها وفي طليعتها السعودية مكنه من العمل لجمع منتجي دول «أوبك» وخارجها. وأنشأ ندوة سنوية لموظفي الصناعة النفطية والشركات الوطنية والعالمية. وكان وراء فكرة إنشاء هذه الندوة المستمرة حيث كان موظفو العالم النفطي من الدول المنتجة والشركات يقيمون معاً خلال ١٥ يوماً في مساكن كلية سانت كاترين في أوكسفورد للمناقشة والتعارف، كما طلاب الجامعات. واستفاد المشاركون في الندوة في شكل كبير منها، خصوصاً أن مابرو كان يدعو شخصيات اقتصادية وسياسية عديدة للمشاركة فيها. فقد تكلم مرات عدة في ندواته خالد الفالح عندما كان يرأس «أرامكو» السعودية قبل أن يتم تعيينه وزيراً للنفط في السعودية. واستضافت ندوات مابرو أيضاً وزير النفط السعودي السابق علي النعيمي الذي كان مع الفالح من أكبر الداعمين لعمل مابرو، كما استضافت نائب وزير النفط السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان والأمير فيصل بن تركي بن عبدالعزيز الذي كان مسؤولاً عن قطاع الغاز في الوزارة والمستشار الاقتصادي السعودي في الديوان الملكي ماجد المنيف ووزير الطاقة القطري السابق عبدالله بن حمد العطية، الذي أنشأ مؤسسته لدراسات الطاقة التي تتعاون مع معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة، وأمين عام «أوبك» السابق صديقه الكبير علي جيدة ومدير الأبحاث السابق في «أوبك» الكويتي عدنان شهاب الدين، ووزير الخارجية الجزائري السابق الأخضر الابراهيمي من أصدقائه، كما الدكتور غسان سلامة وزير الثقافة اللبناني السابق. وأراد مابرو هذه الندوات بعيدة من الإعلام والصحافيين على طريقة مركز «تشاتام هاوس». وكان دائماً يدعو جريدة «الحياة» للمشاركة واثقاً بأنها ستلتزم قانون النقاش الذي لم يكن للنشر. إضافةً إلى أنه كان يحب الصحيفة ويلخص فيها على طريقته نقاش ومواضيع الندوة. وكان مابرو يفخر بانتمائه إلى لبنان ومصر. حيث أن عائلته من مدينة طرابلس ونشأته كانت في مصر وقد حافظ على لهجته المصرية عندما كان يتكلم بالعربية وكثيراً ما كان ينهي محاضراته بروايات نكات فكاهية لجحا ليضيف عنصر الضحك والمرح على موضوع جدي مثل النفط.
كان باستمرار يطلب من «الحياة» التي كان يقدرها وكثيراً ما كان يخصصها بتحليلاته ومقابلاته أن يكتب اسمه روبير وليس روبرت على الطريقة الغربية «مثلما يلفظ باللبنانية» كما كان يقول. ومابرو لم يكن فقط خبيراً نفطياً، بل كان يهتم بمشكلات طلابه الذين كثيراً ما كانوا يترددون إليه لاستشارته حول مستقبلهم. وعندما اقترب من سن التقاعد كان يبحث بقلق عن شخصية تخلفه في ترؤس المعهد وإدارته وتستكمل مسيرته، حتى وجد الشخصية المناسبة في الخبير والمسوؤل الكويتي السابق نادر سلطان وهو شخصية لامعة ووجه معروف في الأوساط النفطية، وتسلم إدارة المعهد الخبير البريطاني اللبناني البارع بسام فتوح وهو من خيرة تلاميذ مابرو الذين أثبتوا قدرة كبيرة في استمرارية المعهد والندوة السنوية المرموقة.
وقد نعا مابرو أمين عام «أوبك» الجديد النيجيري محمد بركندو الذي كثيراً ما شارك في ندواته كموظف في قطاع الطاقة في بلده، وأصدر بياناً قال فيه «كان مابرو باحثاً مهماً وعموداً لصناعة النفط والغاز وصديقاً لمنظمة أوبك وكان شرفاً كبيراً لأوبك أنه نال جائزتها للبحوث في ٢٠٠٤».
خسارة مابرو كبيرة لزوجته جودي وهي المناضلة الحرة في سبيل حقوق المرأة وروبير كان مشجعاً لعملها ولابنتيه نايلة ونيفين وأيضا لأصدقائه ولتلاميذه الذين أحبوه واستمتعوا بمحاضراته.