أكثر ما يضحكني سخافة الإعلام الحربي السوري الذي يتغنّى بالانتصارات اليومية للجيش العربي السوري الذي هو في الحقيقة أصبح الجيش العلوي الشيعي الايراني الذي لا علاقة له بالعرب أو بالتاريخ العربي.
انظروا الى هذه المهزلة: الطيران الروسي يدمّر ويقضي على الاخضر واليابس ويستهدف كل جامد ومتحرّك، فتصبح البيوت المهدمّة على الارض خالية إلاّ من جثث القتلى… هنا، وفي هذه اللحظة التاريخية، يقوم الجيش العلوي وحلفاؤه الايرانيون وأتباعهم باحتلال القرى والأماكن التي كان فيها “داعش” و”النصرة” غير المأسوف عليهما وعلى أمثالهما من كل متطرّف ديني الى أي دين زعم الإنتماء إليه.
ويومياً يتحفنا الإعلام الحربي بالبيانات عن الانتصارات الإلهية التي يحققها والتي أصبحت مفخرة في تاريخ العلم العسكري… وهناك أفكار يمكن أن تتطوّر لتصبح مادة للتدريس في المعاهد والكليات العسكرية في العالم.
كفى ضحكاً على عقول الناس، إذ لا يوجد إنسان لا يعرف تمام المعرفة أنّ هذه الانتصارات تعود الى التدخّل الروسي العسكري وبكل أنواع الأسلحة من طائرات وصواريخ ودبابات وراجمات صواريخ… وانتهزت روسيا الفرصة لكي تقدّم صورة للعالم بأنّ السلاح الروسي هو سلاح مهم جداً يصل مستواه الى مستوى السلاح الاميركي، فلنأخذ مثلاً صواريخ “S400” التي بدأ الطلب عليها يتضاعف وهذه المنظومة من الصواريخ تعاقدت تركيا مع روسيا لشرائها ولولا الحرب في سوريا لما كانت تركيا لتقدم على شراء هكذا سلاح.
من ناحية ثانية، الطائرات الروسية أعيد إليها اعتبارها وأصبحت مع التطوّر الذي أُجري عليها في مستوى عالٍ جداً، وطبعاً علينا ألاّ ننسى دبابات “T72” والتطوّرات التي أدخلت عليها هي أيضاً.
باختصار لقد استفادت روسيا على الصعيد السياسي إذ أصبحت الى الطاولة مع الولايات المتحدة الأميركية لكي يقتسما سوريا.
وفي الوقت الذي حققت روسيا انتصارها السياسي والعسكري جاء مَن كان ينتظر مصيره وخائفاً بعدما أرسل عائلته بالكامل الى دبي… جاء ليقوم من تحت الأنقاض ويتباهى متحدّثاً عن الانتصارات الإلهية والوهمية التي يحققها!
وفي حسبة بسيطة جداً وحسب “اونروا” (وكالة غوث اللاجئين) يتبيّـن أنّ إعادة إعمار سوريا لتعود كما كانت أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد ستكلف 327 مليار دولار.
أمّا السؤال الأكبر فهو: مَن سيدفع هذه الاموال؟ طبعاً الجواب اليوم لا أحد عنده الرغبة أو الإمكانات ابتداءً من المملكة العربية السعودية التي كانت وما زالت تقف الى جانب أي دولة عربية تتعرّض للحروب والمحن التي ينتج عنها خسائر، وكانت المملكة تبادر للمساعدة في إعادة الإعمار وكذلك معظم دول الخليج خصوصاً الامارات والكويت، أمّا اليوم فالظروف اختلفت والموارد انخفضت، ويكفي أنّ سعر برميل النفط هبط من 120 دولاراً الى 50 دولاراً للبرميل، ناهيك بحرب اليمن وحرب ليبيا ما أدّى الى استنزاف المملكة ودول الخليج.