IMLebanon

– حسابات المحاور الدولية والاقليمية و«خديعة الاستقلال»؟!

للعام الثاني على التوالي، تمر ذكرى «الاستقلال»، ولبنان «الدولة المفترضة» أول الغائبين عن إحياء هذه الذكرى على ما درجت العادة.. واكتفى المسؤولون المعنيون، بارسال «مندوبين» عنهم يضعون اكاليل الزهر على ضرائح من يسمون بـ«رجالات الاستقلال».. «ولولا العيب والحياء ما فعلوا..»؟!. في وقت جابت «مسيرات شعبية» بقليل من الناس، بعض شوارع العاصمة لتصل الى ساحة النجمة، للتذكير بمطاليبها مستفيدة من هذه المناسبة..

الاستقلال من قبل ان يكون خروجاً للمحتل من الارض التي يحتلها، هو وعي وارادة مستقلة محررة من أي ارتهان للخارج، سياسياً كان أم غير سياسي.. وهذا لم يحصل منذ ولادة او اعلان ولادة «دولة لبنان الكبير..».

لم يكن رئيس الجمهورية هو الغائب الوحيد بفعل الشغور الرئاسي المتمادي عن هذه الذكرى.. فقد غاب رئيس مجلس النواب وأعضاء المجلس، ورئيس مجلس الوزراء إلا عن وضع اكليل على ضريح والده المرحوم صائب سلام.. اما الجيش وسائر المؤسسات العسكرية والأمنية فقد غابوا عن العراضات العسكرية في مثل هذه المناسبة، بفعل قرار سياسي او بفعل الاوضاع الأمنية، او بفعل مراعاة خواطر من يرى ان الجمهورية من دون رئيس هي كالجسد بلا رأس..

لم يترك هذا الغياب الرسمي أي ردات فعل ذات قيمة تذكر.. واللبنانيون في غالبيتهم الساحقة، باتوا على قناعة من أمرهم، بأن «حضور الدولة او غيابها مثل بعضه» وذلك على الرغم من المخاطر الأمنية، التي لم تعد محصورة في مكان معين، وهي عبرت الى الداخل من جديد مع تفجيري برج البراجنة الأخيرين، من دون أية ضمانات تذكر بأن «المسألة انتهت عند هذا الحد»، وذلك على الرغم من الاحتياطات والاجراءات الأمنية المكثفة والانجازات التي تحققت على أيدي الأجهزة العسكرية والأمنية كافة..

اثنان وسبعون عاماً مضى على «الاستقلال».. وغالبية القوى السياسية اللبنانية، موزعة الولاءات، على محاور دولية – اقليمية – عربية، هي صاحبة القرار.. يتفق الخارج يكون رئيساً للبلاد.. تبقى الخلافات، يبقى الشغور الرئاسي.

أيا كانت «الحجة» او المبررات التي يتمسك بها هذا الفريق او ذاك.. «وكل شخص محسوب على المحور الايراني – السوري لا يمكن ان يصل الى رئاسة الجمهورية..» على ما يقول وزير العدل (اللواء) اشرف ريفي.. وفي المقابل، فإن كل شخص محسوب على المحاور الأخرى (أياً كانت هذه المحاور) لن يصل الى رئاسة، بفعل توازن القوى داخل مجلس النواب؟ او بفعل أسباب أخرى، على ما يقول الافرقاء الآخرون («حزب الله» – التغيير والاصلاح و..) هذا يعني، ان انجاز الاستحقاق الرئاسي موقوف على مدى قناعة، او قدرة الجميع على التحرر من المحاور الخارجية، التي يقر الجميع، بأن هذه المحاور هي صاحبة القرار.. فأين هو الاستقلال، وأين هي الارادات الحرة والمستقلة؟! التي تنتظر الضوء الأخضر الخارجي».

ومع هذا، فإن غياب قرار التوافق على شخص الرئيس، أقله في المدى المنظور، لم يؤد بعد الى انكشاف لبنان أمنياً كما يخشى البعض.. و«الاستقرار الأمني» الذي يعيشه لبنان، بفعل سهر ومتابعة القوى العسكرية والأمنية، واعتقال وكشف العديد من الشبكات والخلايا النائمة، ليس مطلقاً، خصوصاً وان الجهات الأمنية المعنية باتت تملك من المعلومات والوثائق ما يكفي للتأكيد على ان الاختراقات الأمنية واردة في أية لحظة، في ضوء المستجدات العسكرية على الارض، وتحديداً في سوريا..

الواضح الى الآن، ان «الاتفاق الدولي» العلني، وغير المسبوق على هذا النحو في مواجهة الارهاب – التكفيري، في أحد أبرز رموزه، «داعش»، لا يكفي وحده، من دون حلول سياسية لأبرز أزمات المنطقة، ابتداء من اليمن، وصولاً الى سوريا، مروراً بالعراق، والتي تركت تداعيات كبيرة على أرض الواقع.. خصوصاً أكثر، ان ما يتم تداوله عن تحركات سياسية وديبلوماسية ومشاريع حلول لم تبصر النور بعد، ولن تبصر النور قبل أشهر، لتتبدى خطوطها العريضة الرئيسية.. لاسيما وان أكثر من مرجع، يتحدث عن خريطة جديدة قيد الاعداد للمنطقة، على خلفيات اتنية – طائفية – مذهبية، لكل مرجعية دولية كبرى، حصة بارزة في هذه الخريطة.. وبالتأكيد فإن لبنان لن يبقى بعيداً عن تداعياتها، ولبنان من دون رئيس للجمهورية، والمرشحون لهذا الموقع في «أحسن حال» وكل منهم، لا يرى داعياً لحرق المراحل، وقد اتفقوا على عدم العجلة، بانتظار ان تتضح فعالية القوى والمحاور الخارجية التي تمسك بعصم القرار اللبناني.. وهذا كان وحده ليفضح «خدعة الاستقلال» التي لم يبقَ منها سوى الاسم.. وبالكاد؟!