تتردّد في الشارع الطرابلسي أصداء المفاجأة التي توّجت المحطة الأخيرة من الاستحقاق البلدي، والتي أتت أكثر اثارة من كل المفاجآت التي حملتها مراحل الانتخابات البلدية والاختيارية في كل المحافظات. وإذا كان ما يردّده أكثر من فريق سياسي في طرابلس، أن الدافع الأساسي وراء ما تحقّق على صعيد فوز اللائحة المدعومة من الوزير أشرف ريفي، يعود إلى امتناع 75% من أهالي المدينة عن الاقتراع بسبب غياب أولوياتهم عن اللوائح الانتخابية، فإن البارز أن المقترعين، بنسبتهم المتدنية، لم يختاروا أيضاً الانماء في الاقتراع. وهو ما خلص إليه مصدر نيابي في فريق 14 آذار لعب دوراً في العملية الانتخابية الطرابلسية. هذا المصدر اعتبر أن أهالي طرابلس خالفوا الإتجاهات التي سلكها أهالي صيدا وبيروت في الإستحقاق البلدي، حيث أنهم أسقطوا مبدأ التوافق والتسوية الذي اعتمدته القوى البارزة في المدينة، والتي تحالفت، وبشكل ظرفي وفي اللحظة الأخيرة التي سبقت الانتخابات البلدية والاختيارية.
وكشف المصدر النيابي نفسه، أن أطراف التحالف الطرابلسي سارعوا إلى توجيه الاتهامات إلى بعضهم البعض، محمّلين كل طرف مسؤولية التقصير الذي حصل في المدينة، والذي أدى إلى المفاجأة المدوّية التي تحقّقت غداة الاقتراع. وأكد أن هذا التحالف الواسع والفضفاض قد فرط أمام مزاج الشارع الطرابلسي الذي رفض بقوة مبدأ التسويات، كما رفض الانصياع إلى الخيارات التقليدية التي لم تستطع معالجة ارتدادات 18 جولة عنف شهدتها المدينة في السنوات الماضية.
المصدر النيابي اضاف، أن الشارع الطرابلسي وجد نفسه يوم الأحد الماضي أمام 4 خيارات «بلدية» في ظاهرها، وسياسية في جوهرها، فاختار العنوان المنسجم مع طروحاته، والذي كان من المفروض أن يكون إنمائياً، في حين أنه كان سياسياً حتى الذروة، بعدما تبيّن لهم أن حرمانهم مرتبط بالسياسات المتبعة لدى قياداته. ومن هنا كان الانطباع بأن نمط الشارع قد كشف عن التحفّظات على القرارات الوطنية ولكن غير الشعبية التي اتخذها تيار «المستقبل» في الفترة الأخيرة التي لم تنجح في كسر دائرة التعطيل والتمديد والفراغ على مستوى الساحة السياسية عموماً، وليس فقط في عاصمة الشمال طرابلس.
ووجد المصدر النيابي ذاته، أن تراكم الخسائر لدى تيار «المستقبل»، قد دفع بقوة نحو تأييد الشارع الطرابلسي لخطاب وثوابت فريق 14 آذار، من دون الذهاب إلى التشدّد والتطرّف، علماً أن التشدّد أتى في الإنتخابات كردّ على وصول «الاعتدال» إلى الحائط المسدود في الفترة الأخيرة. وفي هذا الإطار، اعتبر المصدر نفسه، أن خصوصية المدينة قد فرضت نفسها في الإستحقاق البلدي بعدما نجح الوزير اشرف ريفي في توظيف عناصر الضعف لدى اللوائح المنافسة للائحته، والتي نتجت عن استسهال التحالف السياسي العريض بالعملية الانتخابية، وعدم إدراكهم حقيقة الأرض ومعادلة الشارع الذي كان معزولاً عن عناوينهم، ولذلك قاطعهم عبر الامتناع عن الانتخاب، والذهاب، ولو بنسبة متدنّية نحو الحالة المتشدّدة التي تكرّست في نتائج الإنتخابات ووضعت الجميع أمام وقائع سياسية جديدة.
وخلص المصدر النيابي إلى أن هذا الواقع قد فرض نفسه بقوة في أي استحقاق انتخابي مقبل في طرابلس، وذلك بصرف النظر عن كل ما سيحصل من اختلاف في القراءات التي بدأت تتوالى منذ صباح يوم الاثنين الماضي.