المساعدات العسكرية إلى لبنان مستمرة وتعزيز قدرات الجيش بالسلاح النوعي والفعّال، هو أيضاً مستمر ومحل اهتمام كبير يأتي في طليعة اهتمامات الدولة اللبنانية والدول الداعمة للمؤسسة العسكرية، وخصوصاً الدول ذات التوليفة العاملة على القضاء على الإرهاب بكافة أنواعه. وضمن هذا المسار، كان الحدث بالأمس في لبنان وتحديداً في قاعدة حامات العسكرية التي شهدت محطة جديدة من الدعم العسكري للسلاح الجوي عبارة عن طائرتين حربيتين من نوع «A ـ 29 سوبر توكانو» مقدمتين من الولايات المتحدة الأميركية. وقد أتى هذا الدعم الأميركي الجوي للجيش، بعد دعم برّي كان حصل عليه منذ شهرين عبارة عن 8 دبابات من نوع برادلي وقبلها تزويد لبنان بمقاتلات من طراز «سيسنا» المزودة بصواريخ «هلفاير».
أثمرت الزيارات الخارجية التي قام بها كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري وقائد الجيش العماد جوزف عون، نجاحات سياسية وعسكرية جعلت من لبنان محل اهتمام دولي خصوصاً بعد الهجمة الشرسة التي كان تعرض لها على مدى خمسة أعوام من الجماعات الإرهابية التي كانت استوطنت جروده وحولتها إلى «إمارات» تتبع عسكريّاً إمّا إلى «الرقّة» أو «إدلب». ففي السياسة يُمكن القول أن لبنان تقدم خلال سنة من عمر العهد الحالي، إلى مصاف الدول المؤثرة في المنطقة سواء لجهة العلاقات الدبلوماسية التي ينسجها مع العديد من الدول وخصوصاً العربية، أو لجهة الإنجازات الداخلية التي تحققت حتى اليوم على رأسها الإنسجام النسبي الحاصل بين أركان الحكم وتحديداً حرص الجميع على دور الحكومة وتفعيل دورها.
أّما في الشق العسكري فهناك أكثر من مؤشّر يدل على طريق الصواب الذي يسير عليه الجيش والذي يُترجم في عمليات التسليح التي يحصل عليها وآخرها خطوة الأمس التي تمثّلت بتسلّمه طائرتَي «سوبر توكانو»، مقدّمتين من السلطات الأميركية ، في احتفال أقيم في قاعدة حامات العسكرية بحضور قائد الجيش العماد عون، وسفيرة الولايات المتحدة في بيروت اليزابيت ريتشارد، وقائد القوات الجوية في القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جيفري هاريجيان، وعدد من الضباط والمدعوين. ويُعتبر هذا النوع من الطائرات ذات الصناعة البرازيلية والتعديلات الأميركية، هاماً جدّاً بالنسبة إلى بلد مثل لبنان، مرّ بمراحل صعبة وما زالت تُحيط به بعض الأخطار خصوصاً تلك الناجمة عن الصراع الدائر في كل من سوريا والعراق.
يؤكد مصدر عسكري لـ «المستقبل»، أن أهمية هذه الطائرات، تكمن في أنها تُشكّل عاملاً إضافياً وأساسياً في أي حرب يُمكن أن يخوضها الجيش، حيث انها تُمكّنه من سرعة حسمها سواء عند الحدود، أو في بعض المناطق الداخلية وتحديداً في السهول والوديان. وتتمتع «السوبر توكانو» بمستوى عال من حيث المناورة والدقّة في إصابة الأهداف وتجنّب وقوع الأخطاء الجانبية، لأنها تصيب الهدف مباشرة، من دون إيقاع أضرار في محيطه». وتؤكد المصادر أنه لو تسنّى للجيش أن يمتلك مثل هذه الطائرات خلال معركة فجر الجرود، لكان الأمر اختلف بكل تأكيد ولكانت سرّعت في عملية الحسم، على الرغم من أن جميع القادة الدوليين العسكريين الذين زاروا لبنان، أثنوا على اداء الجيش في المعركة وسرعة حسمه لها».
ولفت إلى أن «طائرة السوبر توكانو، وبعد إدخال التعديلات عليها، أصبحت تمتاز بتقنيات الطائرة الهجومية النفّاثة، إن من حيث سرعة التصويب على الهدف عبر تقنية الليزر، أو لجهة دقّة الإصابة وقوّة السلاح الذي تُطلقه وهو من نوع جو- أرض». ومن المعروف بحسب المصدر، أن «عدداً من الطيارين اللبنانيين، كانوا أجروا دورات تدريب على هذا النوع من الطائرات في واشنطن، بالإضافة إلى فريق من الفنيين، مهمتهم صيانة الطائرات، وإخضاعها لفحص تقني بشكل دوري والتواصل الدائم مع الخبراء الأميركيين الذين أكدوا بدورهم مواصلة بذل كل الجهود لمساعدة الفريق اللبناني عندما تستدعي الحاجة». وبحسب ما علمت «المستقبل»، فإن قيادة الجيش ومن خلال وفود عسكرية تابعة لها، كانت قد تقدمت بطلب للحصول على هذا النوع من الطائرات منذ ثلاث سنوات تقريباً، وطلب تزويد «السوبر توكانو» بنوعية محددة من الصواريخ المتطورة، لكنها لم تجهز إلا هذه الفترة». وهنا يؤكد المصدر أن «الحديث بأن تأخير التسليم حتى يوم أمس، كان متعمداً، هو كلام في غير محله».
ويكشف المصدر العسكري أن هناك أربع مقاتلات مماثلة سوف يتم تسليمها للبنان خلال الأشهر القليلة المقبلة. ولا بد من الإشارة إلى أن فريقاً لبنانياً تقنيّاً آخر، غادر إلى الولايات المتحدة لمواصلة التدريب على صيانة الطائرات، وبذلك يكون عدد التقنيين اللبنانيين كافياً لجميع الطائرات. وعلى طريق الدعم نفسه، يلفت المصدر إلى أن وزارة الخارجية الأميركية والتي تُعتبر داعماً رئيسيّاً للمؤسسة العسكرية في لبنان إلى جانب الدعم الذي تقدمه وزارة الدفاع، قرّرت زيادة حجم الدعم المالي السنوي المقرر بمبلغ إضافي قيمته 40 مليون دولار، وقد تقرر هذا المبلغ أثناء زيارة قائد الجيش للولايات المتحدة أخيراً».
أمس، خطا الجيش خطوة إضافية نحو تعزيز الأمن وتثبيت الاستقرار في بلد كان قد حاصره الإرهاب وتحوّل إلى نقطة استهداف دائمة، تحوّل اليوم بفعل إيمان شعبه بمؤسسة لم تبخل بالغالي والنفيس في سبيل تحريره من الإرهاب، إلى واحة للإستقرار وإلى بلد أصبح امثولة ليس فقط في إدارة الحروب ضد الجماعات الإرهابية، بل أيضاً في الإنتصار عليها ودحرها مذلولة وهي تجر وراءها أذيال الخيبة وإنهاء حلمها بـ «الإمارة». وعلى خطى الدعم الدائم، رصدت «المستقبل» أمس على هامش اللقاء الذي أجراه قائد الجيش مع قائد القوات الجوية في القيادة الوسطى الأميركية، مدح الأخير لـ «الجيش وتأكيد التزام بلاده بمواصلة دعمه والتنسيق لمواجهة التحديات، ولا سيما تلك الناجمة عن الجماعات الإرهابية».