فيما تتجه الانظار الى الذكرى السنوية الاولى للعهد التي سيطل فيها رئيس الجمهورية على اللبنانيين في الثامنة والنصف من مساء الاثنين المقبل في حوار مباشر مع رؤساء تحرير القنوات التلفزيونية على مدى ساعة، مجيبا على سؤالين لكل رئيس تحرير، محددا مواقفه من التطورات، ومع غياب أي تطور داخلي بارز على صعيد التحركات والمواقف المتصلة بأزمة العلاقات السياسية بين اهل الحكم، وعلى رغم تقدم فصول جديدة ومثيرة في السجالات اليومية ومحاولة حصر مفاعليها خشية تشظي التسوية الرئاسية في عامها الاول، اختار الرئيس العماد ميشال عون ان يقلب الطاولة من قصر العدل في بيروت بمناسبة افتتاحه للسنة القضائية الجديدة،معلنا يوم 8 حزيران عيدا لشهداء القضاء.
واذا كان العهد لم يبدأ في السياسة بعد بانتظار اتمام الانتخابات النيابية المقبلة على اساس القانون الجديد، فان مناسبة الامس التي يصح فيها شكلا تقليديتها التي درج عليها كل رؤساء الجمهورية السابقين دون استثناء، الا ان مشاركة الرئيس عون جاءت لافتة، بعد الفراغ الذي تركه عدم وجود رئيس للجمهورية، معطية معان جديدة ومختلفة للمناسبة، تبدأ بضرورة اجراء ورشة اصلاح داخلية بعدما انجزت السلطة التنفيذية ما عليها باستكمال بناء الجهاز القضائي، ولا تنتهي بحتمية الاصلاح والتغيير والتطوير.
مصادر مقربة من العهد رأت ان كلمة العماد ميشال عون حملت بين سطورها الكثير من الرسائل المشفرة الى الجميع تلتقي كلها عند فكرة لطالما نادى بها رئيس تكتل الاصلاح والتغيير والقائمة على ان القضاء هو العامود الفقري لبناء دولة الحق والقانون، وهو اساس استقرار الاوضاع الامنية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
وتابعت المصادر، صحيح ان خطوة التشكيلات القضائية شكلت مغامرة بسبب العدد الكبير للقضاة الذين تم نقلهم من مواقعهم، الا انها لا تخرج عن المألوف، ذلك بات ضروريا بعد سنوات من عجز الحكومات المتتالية عن اجراء تلك التشكيلات، مشيدة بكفاءة المعينين، رغم بعض الشوائب العادية وقدرتهم على استلام الملفات والانطلاق فيها بسرعة لاتمامها وانجاز الاحكام بعد فترة الركود التي اصابت الجسم القضائي نتيجة التدخلات السياسية.
تدخلات حسم رئيس الجمهورية امام المعنيين انها لن تعود موجودة بعد اليوم، واضعا يده على الجرح، بحسب المصادر، اذ بات من الملزم والواجب، في زمن الاصلاح والتغيير، فكلما نجحت السلطة القضائية بان تكون مستقلة كلما قوية دعائم مؤسسات الدولة وازدادت ثقة المواطنين بسلطتهم وحكامهم ودولتهم.
واعتبرت المصادر ان افتتاح السنة القضائية هذه السنة يأتي في ظل حركة قضائية متسارعة، من اخذ المجلس الدستوري بالطعن حول قانون الضرائب، وما تسبب به من أزمة، وصولا الى القرار الظني في مسألة شهداء القضاء الاربعة، مرورا بالحكم المبرم الصادر عن المجلس العدلي في جريمة اغتيال الرئيس بشير الجميل، والتي لم تكن لتصدر لولا غطاء رئيس الجمهورية للقضاء ودعمه له وتأمين الحماية للجسم القضائي في مواجهة التدخلات، وما الاحكام الصادرة الا خير دليل على ذلك.
فارتباطا بتلك الجريمة وعشية زيارة رئيس الجمهورية لقصر العدل ،اصدر القضاء اللبناني قراره في جريمة القضاة الاربعة بعد 18 سنة على حصولها، وهو ما حمل انتقادا واضحا من الرئيس عون على التأخير، ما طال ايضا قرار المجلس العدلي في جريمة اغتيال الرئيس بشير الجميل وعشرات القضايا المنسية، رغم اقرار مصادر متابعة بأن خطوة قاضي التحقيق خلطت الاوراق بما فيها الامنية، مع تحول عصبة الانصار من «وسيط» في عين الحلوة الى «مجموعة ارهابية» مطلوبة للعدالة، متخوفة من انزلاق الاوضاع في عين الحلوة الى الاسوأ في ظل «موجة نزوح» الارهابيين الى خارجه اذا ما ثبتت.
واشارت المصادر الى ان القضية الاخيرة اثبتت بما لا يرقى اليه شك ان تعاون القضاء والامن لا يمكن ان يأتي الا لمصلحة الدولة والحق والعدالة، فلولا اعتقال عماد ياسين بعملية نوعية لمديرية المخابرات، حازت يومها على ثناء العديد من الملحقين العسكريين الاجانب، الى درجة اعتبار احد كبار الضباط الاميركيين ان مهنية تنفيذها «بنظافة» ضاهت عمل اهم الوحدات الخاصة الاميركية، لما كانت اكتملت صورة الجريمة التي وقعت قبل 18 سنة.