الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا يقول إن المحادثات المقرر إجراؤها في جنيف يوم الجمعة المقبل ليست جنيف-٣. وهذا بالطبع ليس نوعاً من الخطأ في الترقيم بل محاولة للقطع مع جنيف-٢ وفشله المدوي والايحاء أن هناك بداية جديدة. فالرجل يلعب دور المستقوي بعد عامين على مهمته التي بقيت على هامش الأحداث الدراماتيكية في حرب سوريا. وما يراهن عليه هو تسلحه بتفاهم روسي – أميركي في ظل العملية العسكرية الروسية لم يكن متاحاً لمن سبقه من الموفدين: لا لكوفي أنان الذي عمل لإنتاج بيان جنيف-١ ثم اكتشف أن الذين أرسلوه يتقاتلون من ورائه فاستقال. ولا للأخضر الابراهيمي الذي استقال بعد فشل جنيف-٢ واعترف بعد عشرات الاجتماعات مع المسؤولين في واشنطن وموسكو أنه لا يعرف ماذا يريد الروس والأميركان.
لكن ذلك ليس بوليصة ضمان للتوصل الى تسوية سياسية. فلا التفاهم الروسي – الأميركي كامل، وإن كان الخط البياني لمسار اللعبة عبر الثنائي لافروف – كيري هو الاقتراب المتدرج لوزير الخارجية الأميركي من موقف نظيره الروسي. ولا خارطة الطريق المرسومة للتسوية خالية من الفراغات على الورق، قبل الحديث عن الألغام والحواجز على الطريق داخل سوريا. لا الخلاف على تمثيل المعارضين هو فقط انعكاس لتعدد التنظيمات المعارضة وما كشفته الوقائع من سلوك فردي وشخصاني بل أيضاً تعبير عن أجندات الدول التي تدعم هذه التنظيمات أو تلك. ولا التبدل مؤخراً في اتجاه المعارك لمصلحة النظام تحت الغطاء الجوي الروسي وصل، على أهميته، الى حد القدرة على فرض نوعية التسوية التي تريدها دمشق وموسكو وطهران.
ذلك ان الخلاف ينطلق من نقطة البداية في الاطار الاجرائي كما في المضمون الجوهري. فمن الصعب ان يتصرف السوريون في النظام والمعارضة على أساس الاستقلالية الكاملة في تأليف الوفود، لأن القوى الاقليمية والدولية التي تشارك في الحرب تشارك حكماً في ادارة التفاوض على التسوية وبالتالي في اشراك من ترتاح اليهم في الوفود. والأصعب هو الإتكال في المفاوضات على نصوص القرارات والبيانات المفترض أن تكون مرجعية التفاوض. فالمعارضون يصرّون على الانطلاق من التفاوض على هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة. حسب بيان جنيف – ١. والنظام يتحدث عن حكومة وحدة وطنية هي الترجمة العملية في نظره لبياني فيينا – ١ وفيينا – ٢، ونعى القرار الدولي ٢٢٥٤ على حكم ذي صدقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية.
لكن القوي على الأرض هو الذي يترجم النصوص كما يريد. فلا مرجعية التفاوض بالفعل هي بيان جنيف – ١. ولا هي بيانا فيينا – ١ و٢. –