عمّقت موازنة العام 2019 التي أُقرّت منذ يومين الشرخ داخل حكومة الرئيس سعد الحريري، خلافاً لما كان يرسمه غالبية الوزراء، وعلى رأسهم الحريري، الذي كان يعوّل على خطوة إنجاز الموازنة من أجل الإنطلاق العمل في كل المجالات والميادين، وبشكل خاص السعي إلى تحقيق تقدم بالنسبة لما وعد به لبنان المجتمع الدولي لجهة تخفيض العجز والسيطرة على الدين العام، والبدء بالورشة الإصلاحية.
وقال مصدر وزاري مواكب، بأن الحكومة اليوم تبدو مهدّدة أكثر مما كانت عليه في كل المحطات السابقة، والتي شهدت فيها ارتفاع المتاريس بين مكوّناتها، ولاحظ أن مناخاً من الإستياء قد سُجّل في صفوف فريق الرئيس الحريري، غداة إدخال تعديلات على الموازنة أدّت إلى حصول فوارق كبيرة في الإعتمادات التي أعطيت للمؤسّسات التابعة لرئاسة مجلس الوزراء ومؤسّسات أخرى. وبالتالي، فإن هذا الواقع كاد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، وأن يطيح بالحكومة ويواصل تعطيل عملها، كما أضاف المصدر الوزاري، والذي أكد أن خروج كل الخلافات السياسية إلى الواجهة، وكشف عن مدى هشاشة الفريق الوزاري الذي ما زال منقسماً حول طريقة المعالجات لأحداث قبرشمون والبساتين، والتي فشلت إلى اليوم في إحداث أي تقدّم ملموس.
وسأل المصدر الوزاري نفسه، عن مدى قدرة الحكومة على الصمود في وجه الإستهداف الواضح للتضامن الحكومي، وربما لفريق معين فيها هو فريق رئيس الحكومة اليوم، بعدما كان أفرقاء آخرين قد تعرّضوا أيضاً للإستهداف من خلال الحملات المشبوهة، وذلك على خلفيات سياسية وأمنية وقانونية.
وعليه، فإن المصدر ذاته، توقع تأخير موعد انعقاد مجلس الوزراء الذي كان مرتقباً في الأيام القليلة المقبلة، انطلاقاً من الأجواء الإنقسامية بين بعض الحلفاء في حكومة «إلى العمل» والخصوم، وذلك نتيجة المفاجآت التي حملتها مناقشات ربع الساعة الأخير في مجلس النواب. وأضاف أن التصعيد السياسي المتصل بجلسة مناقشة الموازنة، قد أضيف إلى التصعيد السابق بعد أحداث قبرشمون والبساتين، ولذلك، فإن القيادات السياسية على مختلف شواربها، وفي مقدمها رئيس الحكومة تأخذ كل الإحتمالات في الحسبان، وذلك قبل الإقدام على أية خطوة «وزارية» نتيجة المناخات الإقليمية المتوتّرة، وانعكاسها بشكل مباشر على الساحة اللبنانية، حيث أنها أدّت إلى انقلابات واضحة في المواقف السياسية، وإلى تجميد كل عمليات التلاقي بين الأطراف السياسية والحزبية.
وخلص المصدر الوزاري المواكب نفسه، إلى أن الجهود جارية على قدم وساق من أجل تحديد موعد وشيك لاجتماع الحكومة، وذلك تفادياً لأية ارتدادات سلبية قد تحصل بعد طي صفحة الموازنة وتصاعد الإحتجاجات الشعبية والإعتراضات على التقشّف اللافت في هذه الموازنة، كما على الضرائب والرسوم الجديدة التي فُرضت، والتي ساهمت في إشعال الشارع بدلاً من أن تذهب في اتجاه آخر. واعتبر المصدر أن ما تقدّم لا يلغي أن إنجاز الموازنة قد شكّل تقدّماً على صعيد تسريع العمل من أجل الحصول على القروض الدولية بعدما بات واضحاً أن المجتمع الدولي ما زال ملتزماً دعم لبنان، شرط أن تقوم المؤسّسات الدستورية بكل ما هو ضروري من أجل الوصول إلى تخفيض حقيقي للهدر والفساد الحاصلين، بعدما باتت عملية الإصلاح شبه مؤجّلة في المرحلة الراهنة.