بالرغم من معرفتنا وعلمنا بأن الكلام الذي يقال في الامم المتحدة ينتهي مفعوله مع انتهاء إلقائه، ولكن لا بدّ من التوقف عند الايجابيات الكبيرة والمحطات التي تعبّر عن حقيقة مشاعر اللبناني الوطنية.. والتي وردت في كلام فخامة الرئيس ميشال عون.
أولاً: ان التخلي عن دعم الاونروا للاجئين هو في الحقيقة رسالة الى لبنان وجميع العرب وكأنها تقول: خذوا الفلسطينيين كما اللاجئين في بلدانكم »مبروكون عليكم« ولا نريدهم وان قضيتهم عفى عليها الزمن.
ثانياً: نشكر الرئيس عون على انتقاده الرئيس الاميركي الذي لم يعترف للبنان واللبنانيين بالفضل لاستضافتهم النازحين السوريين الذين يوازي عددهم ثلث عدد اللبنانيين. وقال ان لبنان مع عودتهم الآمنة الى بلدهم.
ثالثاً: كعادته فإن موقفه من اي اعتداء اسرائيلي كموقف اي لبناني: لا نقبل بأي اعتداء على اراضينا مع تعهده بأن لبنان لن يكون البادئ بإطلاق اي رصاصة، مع حفظ حقنا في الدفاع عن أرضنا.
رابعاً: صحيح ان هذه الاجتماعات واللقاءات في الامم المتحدة لا تعطي مردوداً مادياً ولكنها تعطي مردوداً معنوياً، فلبنان موجود، ولبنان ليس دولة مارقة، ولبنان يلتزم الشرعية الدولية.
وكان لافتاً ان الرئيس عون كرّر كلامه الذي ألقاه امام الجمعية العامة للامم المتحدة السنة الماضية حول ان يكون لبنان مركزاً لحوار الحضارات والثقافة في العالم.. فقال، امس، بإنشاء اكاديمية التلاقي بين الناس في لبنان، وهو مطلب يبدو ان رئيس الجمهورية يصرّ عليه خصوصاً وانه يلقى دعماً من مجموعات دولية في مقدمها حاضرة الفاتيكان.
في اختصار يمكن القول إن ما تحدث به الرئيس ميشال عون امام ارفع هيئة عالمية قد حفل بإيجابية كبيرة، كما تميّز بالنأي بالنفس عن الصراعات الاقليمية والدولية، وتجنّب الموضوعات التي من شأنها ان تثير الحساسيات الداخلية والخارجية ايضاً.
ويبقى الامل معقوداً على ان تعقب عودة الرئيس المرتقبة من نيويورك محاولات جدّية وحثيثة لتشكيل الحكومة في اقرب وقت ممكن، فالبلد لم يعد قادراً على تحمل المزيد من المماطلة، والشروط، والشروط المضادة، والصراعات المجانية التي لا بد لها من ان تنعكس اضراراً على البلاد والعباد.