حُسم أمس، الجدال حول صفقة تلزيم بناء مبنى جديد للمسافرين في مطار بيروت، بتراجع وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية عن العقد الذي وقّعه مع الشركة الوطنية للنقل الجوي «LAT» استناداً إلى قانون رسوم المطارات. حمية استبق انعقاد جلسة لجنة الأشغال العامة التي خصصت لهذا الملف، مشيراً إلى أنه بناء على طلب حزب الله وحسماً للاختلاف قرّر «عدم السير بالعقد واعتباره وكأنه غير موجود».
هكذا، تجنّب حمية مساعي الانقضاض عليه وأسهم في تهدئة الاستثمار السياسي على ظهر هذه الصفقة، إذ كان يتوقع أن يحتشد النواب الحاضرين إلى 80 نائباً لتكون مماثلة عددياً لجلسات الهيئة العامة. لكن، على وقع كلام حمية، لم يتجاوز الحضور نحو ثلاثين نائباً، وتركّز النقاش حول خضوع العقود المقبلة لقانون الشراء العام، إذ توافق النواب على ضرورة تقيّد الوزارات بهذا القانون على رغم علّاته الكثيرة. وأشار رئيس لجنة الأشغال سجيع عطية لـ«الأخبار» إلى أن صفقة المطار «كانت مدار بحث على مدى أسبوع بين هيئة الشراء العام وديوان المحاسبة، ويفترض بالأخير أن يصدر رأيه الاستشاري قريباً لحسم المسألة ووضع خريطة طريق لإجراء هذا العقد». ولفت إلى أن الجلسة بحثت أيضاً في «إعداد مخطّط توجيهي يشمل عدد وأماكن توسعة المطارات المطلوبة للبلد على أن يتم تأمين كامل ملف التلزيم من دراسة جدوى واستشاري. وعلى ألا يتم تنفيذ أعمال مماثلة أو تلزيمات قبل انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة أصيلة». وفي سياق النقاش، تطرّقت الجلسة إلى ضرورة «فكّ حصرية شركتيّ MEA وLAT لخلق أسعار تنافسية للنقل من وإلى لبنان».
في مستهل الجلسة التي حضرها رئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران ورئيس هيئة الشراء العام جان العلية، قال بدران إن الديوان بصدد إصدار رأي استشاري في مدّة أقصاها أسبوعان على أن يوضح 3 أساسيات: توصيف العقد، أي قانون ينطبق عليه، ومدى صلاحية حكومة تصريف الأعمال في عقد صفقات مماثلة. أما العلية فأوضح أن المشروع لا يمكن إسناده إلى قانون رسوم المطارات، بل يفترض أن تكون القاعدة العمومية لتنفيذه هي المنافسة المفتوحة، في حين أن الخروج عنها يُعدّ استثناء يخضع لشروط محدّدة في المادة 46 من قانون الشراء العام. من جانبه، قدّم النائب في كتلة الوفاء للمقاومة حسين الحاج حسن مداخلة دافع فيها عن حمية الذي «استند إلى دراسة قانونية، إنما ثمّة وجهة نظر أخرى تعتبر هذا المستند القانوني غير صحيح». وبما أن حزب الله من «الداعمين للشراء العام والمتمسكين بتطبيقه طلب من الوزير غداة اجتماع موسّع لكوادره، التراجع عن العقد».
أما النائب في تكتل لبنان القوي سيزار أبي خليل فشرح أهمية توسعة المطار والمطالبة بتنفيذ هذا المشروع منذ عام 2018. على رغم أن الاعتماد على «قانون رسوم المطارات لم يكن بمحلّه لأنه بحكم الميت ولأن الفقرة رقم 5 من المادة 114 من قانون الشراء العام تلغي كل نص مخالف لأحكام هذا القانون». وبرأي أبي خليل، فإن الحلّ الوحيد موجود ضمن المادة 89 من الدستور لناحية عدم جواز منح أي التزام أو امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أي احتكار إلا بموجب قانون، وإلى زمن محدود. بالتالي «فإنه في ظل تصريف الأعمال وعدم قدرة الحكومة على عقد النفقات، يعدّ مجلس النواب السلطة الشرعية الوحيدة التي ينبغي اللجوء إليها لإصدار قانون (استناداً إلى المادة 89) وتنفيذ مناقصة في ما يعتبر مصلحة ذات منفعة عامة».
على أن الإشكالية التي استحوذت على جزء من النقاش، تمثّلت في مدة التلزيم؛ هناك من رأي أن قانون الشراء العام يحصر المدّة بـ4 سنوات لذلك يتعذّر إجراء أي تلزيم لمدّة طويلة عبره. وهو ما دفع حمية إلى الاستناد إلى قانون رسوم المطارات. إلا أن البعض اعتبر هذا الأمر غير دقيق، لأن قانون الشراء لا يحدّد أي مدّة في أي من مواده بل القرار رقم 275/26 الذي يطبّق على الإيجارات في المطار. وهنا نشأت إشكالية أخرى على اعتبار أن المشروع يُعدّ استثماراً وليس تأجيراً لمساحات ضمن المطار.
من ملف : الناهبون يعرضون لبنان للبيع