مرّت سنة كاملة على انتفاضة الشعب الجزائري. أُحيل الرئيس التاريخي عبد العزيز بوتفليقة الى منزله، وحوكم أركان مال وسلطة وجرت انتخابات رئاسية أسفرت عن اختيار شخصية محترمة الى منصب رئيس الجمهورية.
مع ذلك لا يقبل الجزائريون بهذه الحصيلة. وللدقة فإن قسماً كبيراً من الحراك الذي انطلق قبل عام لا يجد ما تحقق كافياً. انه يريد دولة ونظاماً سياسياً مختلفين عن السائد منذ الاستقلال، عندما حلّت جبهة التحرير الوطنية المنتصرة على الفرنسيين في السلطة، ويريد نظاماً غير الذي أرساه بوتفليقة بعد “العشرية السوداء” وسنوات القتل بين التطرف الإسلامي والمخابرات العسكرية، وفي الحالتين يصطدم المطلب الجزائري بجدار يصعب تخطيه أو كسره بالقوة، هو جدار الجيش الممسك بتفاصيل الحياة السياسية، ليس لأنه جهاز عسكري فقط، بل لأنه الإبن الشرعي لجبهة التحرير الوطنية صانعة الاستقلال ووريثة تضحيات المليون شهيد.
دعاة التغيير الشامل في الجزائر يقفون أمام هذا الواقع ويشيرون اليه غمزاً أو مواربة، مع ان الجيش هو الذي نظّم المرحلة الانتقالية مع بوتفليقة وقبله، وهم يعرفون أن اهدافهم لن تتحقق من دون إبعاد المؤسسة العسكرية عن السلطة، وهذا أمر دونه صعوبات تجعله في باب المستحيل أقله في المدى المنظور.
مع ذلك اقترب المعترضون الجزائريون كثيراً في ختام عام انتفاضتهم الاول من تحديد هدفهم الجذري، فهل اقترب المنتفضون اللبنانيون فعلياً من تحديد أهدافهم؟ للموضوع تتمة.