دخلت مهلة اعداد وتسجيل اللوائح الانتخابية اسبوعها الاخير، والمقرر منتصف ليل 26 آذار الجاري، والساحة اللبنانية لاتزال تعيش مشهداً لافتاً من الغموض والفوضى والبلبلة، خصوصاً وأن اعداد هذه اللوائح، لايزال بين «أخذ ورد» بين القوى السياسية كافة، حيث لم تتمكن هذه القوى – أقله حتى اليوم، من حسم خياراتها، بين من يفترض أنهم «حلفاء».. وكل فريق يتطلع الى مصلحته التي تتقدم على سائر المصالح، على ما يقول مراقبون ومتابعون عن كثب.. خصوصاً أكثر ان استنهاض الخطاب الطائفي والمذهبي تقدم على ما عداه؟!
في قناعة البعض ان ما يحصل على أرض الواقع هو أشبه بـ»انقلابات» انتخابية، وقد ارتفعت نبرة الخطابات في الأيام الاخيرة، وكل فريق، يسعى لتسعير الاجواء بخطاباته ولهجاته ومواقفه، بهدف توفير اكبر قدر ممكن من الحظوظ التي تضعه في مرتبة متقدمة بين مختلف القوى السياسية والحزبية الأخرى، ولم ينج «الثنائي الشيعي» من ذلك خصوصاً في ما يتعلق بتحالفات كل من «حزب الله» وحركة «أمل» مع القوى الأخرى، التي لم تنج بدورها من هذه البلبلة وهذا التخبط، وتحديداً «التيار الوطني»؟! الذي يخوض معارك انتخابية حامية في مواجهة سائر «القوى المسيحية» وتحديداً «المارونية» منها.. وتيار «المستقبل» الذي لم يحسم خيار تحالفاته نهائياً بعد، وان كان في رأي عديدين، ان «التحالفات لن تكون شاملة بل بالقطعة» على نحو ما حصل في دائرة الشوف – عاليه – بعبدا وفي دائرة صيدا – جزين من الناحية المبدئية، على رغم الالتباس الانتخابي بين «التيار الازرق» و«التيار البرتقالي» حول أحد المقعدين السنيين.. تماماً كما يحصل بين «القوات» و«الكتائب»، وبين «القوات» و«التيار الحر»؟!
كما وفي قناعة عديدين، انه وعلى رغم حسم بعض التحالفات في بعض الدوائر إلا ان النقاش يتسع بين العديد من الافرقاء السياسيين والحزبيين حول دوائر عديدة أخرى.. والأيام القليلة المقبلة، قد تنتج تحالفات في دوائر انتخابية أخرى، بهدف تبديد صورة التشاؤمات المهيمنة على الوضع، خصوصاً بين «المستقبل» و«القوات»..
لا يخفي كثيرون صدمتهم من هذا القانون الانتخابي الجديد.. وقد كان البعض يتطلع الى قانون جديد، يحرر اللبنانيين من القيود الطائفية والمذهبية والمناطقية، ويوفر العدالة والمساواة ويؤمن فرص التمثيل الصحيح لسائر «المكونات اللبنانية». ويحرر الناخب اللبناني من كل القيود ليختار من يراه أصلاً لتمثيله في مجلس النواب، بعيداً عن الضغوطات والاغراءات المالية وغير المالية والتخويف على الحاضر والمستقبل..
على أبواب السابع عشر من آذار، حيث تقفل أبواب تسجيل اللوائح، تكثر السيناريوات وترتفع قراءات تقييم ما ستؤول اليه صناديق الاقتراع في السادس من ايار المقبل.. وهل ستكون هذه الانتخابات حرّة ونزيهة، أم ستكون معرضة للكثير من الطعن؟!
من السابق لأوانه الحديث عن النتائج، إلا ان الاوساط السياسية المتابعة ترى ان «المكتوب يقرأ من عنوانه»؟! وان فئة «الأقوياء» مطمئنة الى ان لا تغييرات جذرية ستحصل.. وكل ما في الأمر أنه، وان حدثت «خروقات» فهي لن تتجاوز الافراد، ولن يكون هناك تقلبات كبيرة.. وتأسيساً على هذا، يعمل «مسؤولو الماكينات الانتخابية الذين فوضوا باجراء الاتصالات، من أجل تكريس تفاهمات تؤسس لتحالفات ثابتة، على رغم العديد من الثغرات والمطبات والافخاخ، في أكثر الدوائر الانتخابية، من الشمال الى البقاع الى الجبل والجنوب وبيروت؟!
قد لا يكون جديداً القول، ان «لبنان من رأسه وحتى أخمص قدميه» منشغل بالاستحقاق الانتخابي، وقد ازدادت وتيرة هذا الانشغال مع بداية العد العكسي لانتهاء مهلة تسجيل اللواذح التي برأي عديدين شهدت تغيرات و«انتكاسات» ليست سهلة في العديد من الدوائر الانتخابية.. وقد أفصح وزير الثقافة غطاس خوري – موفداً من الرئيس الحريري الى سائر الافرقاء – عن واقع الحال من دون أي «مكياج» قائلاً «إن بعض التحالفات حسم في بعض الدوائر الانتخابية.. خصوصاً في الشوف وعاليه وبعبدا، بين «المستقبل» و«القوات اللبنانية» و«الاشتراكي»، أما الدوائر الأخرى، فتخضع لنقاش موسع وهناك بورصة تجاذبات قائمة بين جميع القوى السياسية، وليس مع تيار «المستقبل» فقط..». وقد ذهب البعض، الى توقع افخاخ كثيرة تمدد مشاريع التحالفات واللوائح الانتخابية المفترضة، وقد ارتفعت على نحو لافت «امتعاضات» وشكاوى «القواتيين» من الطريقة التي يدير بها «المستقبل» مواقفه في غير منطقة من لبنان، وقد قدمت «التيار الحر» على سائر الآخرين في أكثر من دائرة..