Site icon IMLebanon

محاصصة في التعيينات تحت شعار حقوق الطوائف والمذاهب

 

إضافة إلى 17 بندًا مُدرجًا في جدول الأعمال، إنتخب مجلس النواب أمس خمسة أعضاء للمجلس الدُستوري الجديد، وهم طنوس مشلب، وعوني رمضان، وأكرم بعاصيري، وأنطوان بريدي، ورياض أبو غيدا، على أن يتم تعيين الأعضاء الخمسة الآخرين من قبل الحُكومة. فهل قُضي الأمر وتمّ الإتفاق على أن تشهد جلسة مجلس الوزراء المُقبلة إستكمالا لتشكيلة المجلس الدُستوري، أم أنّ السقف العالي للإعتراضات سيُفشل ما تمّ التوافق عليه من «تحت الطاولة»، وسيُؤدّي إلى تأجيل التعيين في إنتظار المزيد من الإتصالات والنقاشات؟

 

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة إنّ رئيس «التيّار الوطني الحُرّ» وزير الخارجية والمُغتربين جبران باسيل يعمل جاهدًا لتثبيت مبدأ التوزيع الطائفي والمذهبي على مُستوى كل المناصب الرسميّة، وهو يتخذ من شعار حُقوق الطوائف والمذاهب ليكون له الكلمة الفصل في أغلبيّة التعيينات العائدة إلى الطائفة المسيحيّة. وأضافت أنّ عَين الوزير باسيل هي على رئاسة المجلس الدُستوري، لما لهذا المجلس من أهمّية كُبرى على مُستوى البت بالقوانين وبالطعون وبالإعتراضات على المشاريع والمناقصات، إلخ. وتابعت الأوساط أنّ الوُصول إلى هذا الهدف يستوجب من جهة السيطرة على أكبر عدد من أعضاء المجلس الدُستوري الجديد، ومن جهة أخرى تأمين وُصول أعضاء آخرين لا يقفون بموقع مُناهض للتيّار.

 

وكشفت الأوساط السياسيّة نفسها أنّ وزير الخارجية إتفق مع رئيس الحكومة سعد الحريري بعيدًا عن الأضواء على أن يكون منصب رئيس المجلس الدُستوري من حصّة «التيّار الوطني الحُرّ»، وذلك في مُقابل أن ينال «تيّار المُستقبل» منصبي مُدعي عام التمييز ورئيس مجلس الإنماء والإعمار، علمًا أنّ «التيّار الأزرق» يُرشّح القاضي غسّان عويدات للمنصب الأوّل خلفًا للقاضي سمير حمّود، ويُرشّح الدكتور نديم الملا للمنصب الثاني أيضًا.

 

ولفتت الأوساط إلى أنّ رئيس «التيّار الوطني الحُر» ـ وإضافة إلى رئاسة المجلس الدُستوري، يتطلّع إلى الإستحواذ على منصب رئيس مجلس شورى الدولة، ومنصب رئيس المؤسّسة الوطنية للإستخدام، ومنصب نائب رئيس مجلس الإنماء والإعمار، من ضُمن المناصب الشاغرة (أو التي ستشغر قريبًا) من ضمن حصّة المسيحيّين الموارنة بالتحديد. وأضافت أنّ إستعداداته للتنازل عن الحصص المسيحيّة كافة محدودة وهي لن تكون مجّانية، طالما أنّ منطق المُحاصصة مُطبّق أيضًا من قبل باقي الجهات الطائفيّة والسياسيّة صاحبة الكلمة الطولى في مذاهبها وطوائفها. وأشارت الأوساط نفسها إلى أنّ معركة التعيينات ستشمل أيضًا المناصب التي باتت مُخصّصة عرفيًا للأرثوذكس، أي كلّ من رئيس المركز التربوي للبحوث والإنماء، ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان، ورئيس الصندوق المركزي للمهجرين، وكذلك المناصب التي باتت مُخصّصة عرفيًا للكاثوليك أي كل من مدير عام ورئيس مجلس إدارة تلفزيون لبنان، ومدير عام الطرق والمباني في وزارة الأشغال، ورئيس لجنة بورصة بيروت. وأشارت إلى أنّ أي تغيير في طائفة أو في مذهب أي منصب من المناصب المَذكورة، ستُقابله مُطالبة من قبل «التيّار الوطني الحُرّ» بمنصب لا يقلّ أهميّة، وذلك للحفاظ على التوزيع الطائفي والمذهبي العادل للمناصب الإداريّة في لبنان. وتوقّعت الأوساط أنّ يُنسّق «التيار الوطني الحُرّ» مع حلفائه في حزب «الطاشناق» للإستحواذ على أكبر قدر من المناصب المُخصّصة للطائفة الأرمنيّة، والتي تشمل حاليًا رئيس الهيئة الناظمة للإتصالات، ومدير عام البيئة، والمفتش العام في التفتيش المركزي، ونائب حاكم مصرف لبنان.

 

وتابعت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ «تيّار المستقبل» الذي سخر رئيسه رئيس الحكومة من الحديث عن تنازلاته وعن خُضوعه، يتطلّع بدوره إلى الإستحواذ على القسم الأكبر من المناصب التي باتت مُخصّصة للمذهب السنّي، مع رغبته بالتنازل عن بعضها طوعًا من حصّة «المُستقبل» إلى حصّة حلفاء سنة وقفوا إلى جانبه، ومنهم رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي. وأضافت أنّه إضافة إلى منصب مدعي عام التمييز، يتطلّع «التيّار الأزرق» للإستحواذ على منصب رئيس مجلس الإنماء والإعمار، وكذلك على منصبي نائب حاكم مصرف لبنان، والأمين العام لمجلس الوزراء. ولفتت الأوساط إلى أنّ معركة المُدراء العامين ستكون حامية أيضًا حيث يُطالب «المُستقبل» له ولحلفائه بمنصب المدير العام لكل من وزارة العدل، والتنظيم المدني، والطيران المدني، والمجالس المحلية والبلديات.

 

وأكّدت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ كلاً من التيّارين «البُرتقالي» و«الأزرق» سيتمسّكان بهذه الحصص الطائفيّة والمذهبيّة، إنطلاقًا من تمسّك «الثنائي الشيعي» بحصصه، والتي تشمل تلك الشاغرة منها أو التي ستشغر قريبًا، وأبرزها منصب نائب حاكم مصرف لبنان، والمُدراء العامين لكل من المغتربين، والتعليم المهني والتقني، وإدارة حصر التبغ والتنباك، وبنك التمويل، والإستثمار في وزارة الطاقة والمياه، إلخ. وكذلك إنطلاقًا من تمسّك الأحزاب الدُرزيّة وبغضّ النظر عمّن ستؤول إليه هذه المناصب في نهاية المطاف في ظلّ الخلاف والتنافس القائمين بين «الحزب التقدمي الإشتراكي» وكل من «الحزب الديموقراطي اللبناني» وحزب «التوحيد العربي»، بمناصب باتت محسوبة عُرفيًا على الطائفة الدرزيّة، وفي طليعتها منصب رئيس أركان الجيش الذي تمّ البت به في الأشهر القليلة الماضية، وقاضي التحقيق العسكري في المحكمة العسكرية، والمدير العام للجلسات واللجان في مجلس النواب، إضافة إلى نائب حاكم مصرف لبنان.

 

وختمت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ شعارات حُقوق الطوائف والمذاهب ستُستخدم خلال المرحلة المُقبلة لتغطية المُحاصصة السياسيّة التي ستطال مُختلف المناصب الإدارية في الدولة اللبنانيّة، مع تغليفها بعناوين برّاقة وفي طليعتها مبدأ الكفاءة!