عين الرئيس الأميركي الدبلوماسية دورثي.ك.شيا سفيرة لبلاده في لبنان بتاريخ ١٤ شباط ٢٠٢٠ ، والذي صادف الذكرى الخامسة عشر لاغتيال كبير أحدث تحول عميق في الحياة الوطنية، وأعادنا إلى ثقافة العنف والاغتيالات والكراهية والانقسام وتقويض أسباب الاستقرار والازدهار والاستثمار وتفريغ المباني والأسواق والاستقواء وقهر الإرادات وتجاوز المواثيق والأعراف وتشريع التعطيل والشغور وتبسيط الانخراط في النزاعات الداخلية والخارجية، حتى جاء يوم ١٧ تشرين ٢٠١٩ ليستفيق عموم اللبنانيين على تداعى المؤسسات الرسمية وضياع المدخرات في المصارف بعد أن تحول لبنان من دولة رخوة إلى دولة فاشلة نتيجة تغافل الطبقة السياسية المتحكمة بالسلطة عن أسباب الدولة وشروطها وقواعد الانتظام العام.
قدّمت السفيرة دورثي شيا أوراق اعتمادها إلى رئيس الجمهورية في ١١ آذار عشية دخول لبنان مرحلة التعبئة العامة لمواجهة وباء كورونا وانشغال حكومة التكنوقراط بإثبات احترافها السياسي، بعيدا عن المعايير التقنية مع اعتقاد بعض مكوناتها أن لعنة كورونا هي نعمة مباركة للحكومة بسبب انكفاء الناس وانشغالهم في تداعيات الوباء على عكس ما قامت به السفيرة الأميركية بتكثيف اللقاءات مع الرؤساء والقيادات السياسية والعسكرية و بمواكبة إعلامية مع عملية ترويج قوية عن محاولة السفيرة تشكيل جبهة معارضة وانها تواجه صعوبات نتيجة تحفظ هذا الزعيم وتردد آخر وبعد أيام معدودة تبددت الادعاءات السياسية الإعلامية وتحويل الأمنيات والأوهام إلى معلومات وذلك بعد عملية الاستهداف والضغوطات الإدارية الداخلية والتي كانت الغاية منها إطلاق عملية تفاوضية سياسية وشخصية موازية لموضوعات المسار التفاوضي السيادي السابق مع الدبلوماسية الأميركية والمعلن منها الحدود البرية والبحرية والخط الأزرق وربما مزارع شبعا وبلوك ٩ وتقاطعات الجوار السوري وعلاقة الثروة النفطية بمنتدى غاز شرق المتوسط وتعزيز دور المؤسسة العسكرية والعقوبات المالية بالإضافة إلى الأزمة النقدية والعلاقة مع صندوق النقد الدولي.
هناك من يعتقد أن وجود شخصية دبلوماسية بمستوى السفيرة دورثي شيا ربما يعكس عودة شيء من الأرجحية الدولية إلى لبنان بعد الخيبات الدولية منذ ١٤ شباط ٢٠٠٥ ،حيث ترك لبنان للتخبط بالمغامرات والأوهام وتشريع الكراهية والقهر والغدر والأحقاد والهيمنة والفساد، ومتتبعو السفيرة دورثي شيا يعرفون متانة علاقتها بالإدارة الأميركية الحالية ويتساءلون عن معنى اختيارها في هذه الظروف الأميركية القاهرة والتي وصفها الرئيس الأميركي في نهاية عامه الانتخابي بانها اشد مرارة من استهداف بيرل هاربير ١٩٤٤ونيويورك في ١١ أيلول ٢٠٠١ ، مما يجعل من إنجازات السياسة الخارجية في صلب الانتخابات الأميركية ويجعلنا نعتقد بان المهمة المناطة بالسفيرة الأميركية استراتيجية وقصيرة الأمد ويتوقع أن تكون نتائجها قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.
أثار انتباهي تحمل السفيرة دورثي شيا عناء الصعود إلى أعالي الجبال لمقابلة احدى الشخصيات اللبنانية من اجل مصلحة لبنان، وتأملت طويلا في صور ذلك اللقاء من خلال لغة الجسد بين الضيف والمضيف مما دفعني إلى الاهتمام الجدي بالسفيرة الأميركية لجدية اهتمامها بلبنان الذي كان في السابق قويا بضعفه وأصبح الآن ضعيفًا بأقويائه ونجاحاتهم التاريخية الفولكلورية عبر لقاءاتهم السرية أو العلنية في المقرات الرئاسية، وترك عموم اللبنانيين ضحية ترف الهواة الصغار وفشل وادعاءات الكبار، واعتقد أن الكثيرين من المعنيين بالشأن العام سوف يحرصون على متابعة نشاط السفيرة دورثي شيا واجتماعاتها المكثفة والتأمل في صور تلك اللقاءات التي تعكس جدية وصلابة السفيرة الأميركية في لبنان وخفة واهتراء الشخصية اللبنانية.