بالتزامن مع بعض التهديدات التي ينقلها ديبلوماسيون أجانب الى لبنان، في سبيل دفع المقاومة الى التخلي عن العمل العسكري في جبهة الجنوب، اجرى جيش العدو الاسرائيلي مناورة برية في الشمال الفلسطيني المحتل تحاكي الهجوم على الأراضي اللبنانية، وهو ما تراه مصادر مطلعة على أجواء الحرب جنوباً “مسرحية اسرائيلية” هدفها شد عصب المستوطنين في الشمال، الذين بدؤوا يطالبون بالانفصال عن دولة “إسرائيل”.
لا تزال المقاومة في لبنان متمسكة باستمرار العمل على الجبهة الجنوبية الى حين انتهاء الحرب على غزة، ولو استمر ذلك لأشهر طويلة، وهو ما تحضرت له المقاومة مؤخراً من خلال الخطط العملانية والتجهيزات اللوجستية، ورسم المسار العسكري الطويل وما يتخلله من مفاجآت قد تظهر تباعاً، وكل هذه الاجواء لا شكّ ستؤثر في الملفات السياسية في البلد.
في الصالونات السياسية حديث جدي عن تسليم معظم الأفرقاء اللبنانيين بأن لا حل في لبنان قبل نهاية الحرب، وبعضهم بدأ يتحدث صراحة عن أن الحل سيكون بعد الانتخابات الأميركية، على قاعدة أن مرحلة الصراعات القائمة حالياً مستمرة في الأشهر المقبلة، وبالتالي فإن استمرار الحرب يرجح خيار تأجيل مختلف الملفات إلى ما بعد الانتخابات الأميركية.
يعمل نتانياهو وفق مبدأ كسب الوقت، بغية رحيل إدارة جو بايدن وعودة دونالد ترامب الى السلطة في أميركا، حيث يتوقع نتانياهو أن يكون موقف ترامب مغايراً تماماً لموقف الإدارة الحالية، تحديداً بما يتعلق بمرحلة ما بعد الحرب في غزة، حيث من المعروف أن ترامب ليس من المؤيدين لقيام دولة فلسطينية، وبالتالي سيكون متشدداً الى جانب نتانياهو بما يتعلق بطريقة إدارة قطاع غزة بعد الحرب.
كذلك، يرى نتانياهو أن ترامب صديق له على المستوى الشخصي، وبالتالي سيكون قادراً على توفير الظروف المناسبة له للبقاء على رأس الحكومة، الى حين موعد الانتخابات البرلمانية “الاسرائيلية”، وهو ما ستسعى المعارضة “الاسرائيلية” بشدة الى عدم حصوله، حيث يبدو أن المعارضة اليوم تتحضر لتكثيف تحركاتها من أجل إسقاط حكومة نتانياهو، حيث البداية ستكون على الأرجح من خلال إسقاط أو إضعاف حكومة الحرب أو حكومة الطوارىء، وهذا ما سيبحثه زعماء أحزاب بالمعارضة “الإسرائيلية”، حيث سيلتقون اليوم للبحث في خطة العمل من أجل إسقاط حكومة بنيامين نتانياهو وتشكيل أخرى.
كذلك في لبنان، حيث كل الملفات تتعلق بالوضع في المنطقة واستمرار الحرب، وكل الحلول تبدأ من وقف هذه الحرب، ووقفها يتطلب إسقاط حكومة نتانياهو، لذلك يمكن القول أيضاً ولو بطريقة غير مباشرة، أن التسوية اللبنانية مرتبطة بمصير نتانياهو، وما كل الزيارات الدولية الا تضييعاً للوقت، او تهيئة لمرحلة مقبلة قد تكون قريبة وقد لا تكون.
من الواضح بحسب مصادر سياسية متابعة، أن زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى بيروت تنطلق من فشل “الخماسية” بإيجاد الحلول لمسألة الرئاسة، مشيرة الى أن البعض يتحدث عن أن المشكلة الرئاسية لا تتعلق ببعض الامور الشكلية كالحوار أو التشاور وصاحب الدعوة، وبالتالي لا يمكن لما يحمله لودريان أن يفتح كوة في جدار الأزمة، بينما هناك رأي آخر يقول أن الرئاسة اللبنانية يمكن أن تمرّ قبل العطلة الاميركية وهناك فرصة لذلك. ولكن في حال نجح هذا الأمر، هل ستكون الرئاسة ضمن تسوية كبرى في لبنان؟ أم أن المطلوب وصول رئيس فقط، ومن بعدها نعود لنغمة الأزمات في باقي الملفات؟
“إذا، يعول نتانياهو على رحيل بايدن ومجيء ترامب، ويعول بايدن على سقوط نتانياهو قبل موعد الانتخابات الأميركية لإيقاف الحرب، ونعوّل في لبنان على المعارضة “الاسرائيلية” من جهة، وحجم الضغط الاميركي على “اسرائيل” من جهة أخرى، لنمضي قدماً في حل الازمات الداخلية، بدءاً من وقف الحرب وانتخاب رئيس للجمهورية”. هكذا تصف المصادر المشهد.