IMLebanon

14 آذار: لا كلام يعلو الاتفاق الاميركي ــ الإيراني

رغم الاحتفالية التي استهلتها قوى 14 آذار في إحياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري والإعداد لذكرى 14 آذار، يبدو العنوان المحلي الداخلي غائباً وسط مراوحة تامة، في حين يغلب الاتفاق الايراني ــ الاميركي المرتقب على كل ما عداه

قد تكون دعوة رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع قوى 14 آذار الى التمثل بعنترة بن شداد والصبر في لعبة عض الاصابع، «لأن من يصبر ينتصر»، تعبيراً وافياً عن حالة المراوحة والانتظار التي يعيشها لبنان، وضمناً فريق 14 آذار. ففي اللقاء الذي جمعه مساء 14 شباط مع الرئيس سعد الحريري وشخصيات من قوى 14 آذار، دعا جعجع الى الصبر والانتظار، في معرض ردّه على التساؤلات التي طرحت في بيت الوسط عمّا ستؤول اليه الاوضاع اللبنانية في ظل المتغيرات والأزمات المقبلة على المنطقة.

وقد يكون الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في تحديده أول من أمس ماهية العواصف المقبلة على المنطقة، لاقى قوى 14 آذار ــ ومن منظار مختلف تماماً ــ في رصد هذه المتغيرات وآثارها على لبنان. لكن مشكلة 14 آذار أنها، في قراءتها للمتغيرات، لا تستطيع إلا أن تقف موقف المتفرج، مع تغيّر عناصر اللعبة الاقليمية، وبعدما افتقدت المبادرة التي امتلكتها سابقاً وباتت اليوم في ملعب حزب الله. وهذا يجعلها، بحكم الامر الواقع، تستجيب حكماً لنصيحة جعجع بـ»الصبر والانتظار والصمود حتى الانتصار»، ريثما يتضح أكثر فأكثر جوّ المتغيرات الاقليمية والدولية.

العنوان الوحيد الذي يشغل بال القوى المعارضة لحزب الله اليوم في لبنان هو محاولة استكشاف أبعاد الاتفاق الاميركي ــ الايراني المرتقب ومدى استفادة حزب الله منه، والشظايا التي ستلحق لبنان بسببه.

محاولة آذارية

لفهم أبعاد التحول الأميركي وحقيقته

ليس بسيطاً أن يكتب سياسيون وإعلاميون وناشطون في قوى 14 آذار، ويناقشون بلا هوادة ويترصدون أي موقف أو أي تحرك أميركي في اتجاه طهران، محاولين تلمّس غرابة الموقف الاميركي الذي تعبر عنه الادارة الاميركية بمزيد من «التورط» مع إيران الى حد توقيع اتفاق مرتقب معها رغم الاعتراض الاسرائيلي الشديد اللهجة، وخصوصاً أن ثمة عنصرين مقلقين في المشهد السوري: الاول معركة الجنوب السوري التي تقودها إيران وحزب الله والنظام السوري، من دون أي ردّ فعل دولي «اعتراضي رادع» على مشاركة إيران العلنية في المعركة، والثاني الكلام الذي نقله الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا عن خطة لوقف القتال في حلب وعن استعداد الرئيس بشار الاسد ليكون جزءاً من الحل، لا سيما أنه سبق للرئيس السوري أن قال إنه تبلغ في صورة غير مباشرة معلومات عن الغارات الجوية التي يشنها التحالف الغربي ــ الخليجي على تنظيم «داعش» في سوريا.

في الكلام السياسي استغراب يتعدى اليوميات الى محاولة فهم أبعاد هذا التحول الاميركي وحقيقته. ورغم أن هذا التبدل لم يأت فجأة، بل سبقته مقدمات كثيرة وإشارات جدية أكثر، بدأ اقتراب موعد توقيع الاتفاق قبل نهاية آذار المقبل يرخي بثقله على الأجواء اللبنانية. وفي ظل هذا الرصد المتنامي للاتفاق المرتقب، لا ينشغل الوسط السياسي اللبناني إلا بتأثيراته الداخلية، وخصوصاً أن متغيراً بهذا الحجم التاريخي يأتي في مرحلة حسّاسة سعودياً، ما يخلّ بالتوازن الذي كان سائداً، إذ إن اتجاه المنطقة الى ترتيب اتفاق بين واشنطن وطهران، بكل ما مثّلته سياستها في السنوات الاخيرة، يقابله عدم اتضاح الرؤية بعد للاستراتيجية السعودية، في ضوء التغييرات التي لجأ اليها الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز والتعيينات والتبديلات «الضخمة» في كثير من المفاصل الاساسية في التركيبة السعودية، ولم تنته بعد.

هذا المشهد يجعل من الصعب على قوى 14 آذار أن تتماشى معه بسهولة، وأن تتلقى متغيراته من دون تبديل جذري في خطابها ورؤيتها، ما يجعلها تتريث وتنتظر لمعرفة آفاق هذا الاتفاق وارتدادته عربياً وخليجياً وإسرائيلياً، علماً بأن هذه القوى سبق أن تلقت أيضاً ارتدادات عدم انهيار النظام السوري بعد ثلاثة أعوام على بدء الحرب السورية. ورغم أن سوريا بالمفهوم الذي كان لبنان والعالم يعرفه لم تعد هي نفسها، إلا أن انعكاسات عدم وجود رؤية أميركية واضحة منذ أن سحب فتيل الحرب الاميركية على سوريا، إبان البحث عن الاسلحة الكيمائية، ظل يتردد وقتاً طويلاً في أروقة اللبنانيين من معارضي الأسد وحزب الله معاً.

في ظل هذا الواقع، يطغى حالياً العامل المحلي البحت على الكلام السياسي لقوى 14 آذار بمختلف مكوّناتها، من نوع الحوارات الدائرة للتهدئة الداخلية، وسحب فتيل التفجير الطائفي. وهو ما عبّر عنه بوضوح الرئيس سعد الحريري في خطاب ذكرى 14 شباط (الذي لم يفتتحه بالذكرى بل بما عدّه أخصامه مبايعة للسعودية)، حين قال إن الحوار مع حزب الله هو حاجة إسلامية لاستيعاب الاحتقان المذهبي. من هنا قد تشهد الفترة المقبلة محاولات ترتيب لقاءات وتهدئة خلافات داخلية، ليس أكثر، ولا سيما أن قوى 14 آذار ستحاول تزخيم عودة الحريري مهما طالت أو قصرت مدتها، والاستفادة منها، في تطبيع الوضع الداخلي لعدم تجيير الحوار الجاري مع حزب الله الى غير عنوانه الأساسي.