IMLebanon

المواجهة الأميركية – الإيرانية

 

الأميركيون متأهبون عسكرياً دائماً. لديهم حلفاؤهم في شرق سورية. أجروا تدريبات «بالذخيرة الحية مع مغاوير الثورة» استمرت أسبوعاً بعدما أعلموا موسكو بالأمر «لتجنب المواجهة» بين الطرفين.

المنطقة التي أجريت فيها المناورات تقع على الحدود العراقية- السورية- الأردنية، وكانت طريقاً مهماً لنقل الأسلحة من إيران إلى الجيش السوري و «حزب الله». فيها أنشأ الأميركيون قاعدة التنف لقطع هذه الطريق، في إطار خطة استراتيجية تمنع التواصل بين دمشق وبغداد وطهران، وزاد اهتمامهم بهذه المسألة بعدما دخلت روسيا بقوتها العسكرية على خط المواجهة، إذ إن التنسيق بين العواصم الثلاث وموسكو يقلب كل موازين القوى ويغير الخريطة الجيواستراتيجية امتداداً إلى آسيا الوسطى.

 

تزامنت التدريبات مع اقتراب دمشق وموسكو من إطلاق معركة إدلب، بعد استعادة الغوطة وفك الحصار عن العاصمة، والاستعداد لفتح المعابر إلى الأردن. وكانت رسالة قوية إلى إيران وسورية مفادها أن الجيش الأميركي مستعد لكل الاحتمالات، بما فيها المواجهة المباشرة مع أي طرف إذا اقتضت الضرورة ذلك. وأن استعادة إدلب لا تعني نهاية الحرب في سورية ولا تعني تسوية سياسية تسعى إليها روسيا وتكون واشنطن وحلفاؤها خارج معادلاتها، فضلاً عن تأكيدها فرض شرطها (وشرط إسرائيل) الأساسي إخراج إيران من الشام بالقوة العسكرية. وكل هذا يشير إلى أن نهاية الحروب في سورية وعليها ليست مسألة سهلة وأن كل الأطراف دخلت في مرحلة المساومة على الحصص والنفوذ، مرحلة قد تطول سنوات كثيرة. والدليل ما يحصل في العراق، فبعد أكثر من سبع سنوات على إعلان الولايات المتحدة سحب جيشها من البلاد، ها هم جنودها يعودون بصفة «مستشارين» تدعمهم شركات أمنية خاصة تستخدم آلاف المرتزقة، لمواجهة النفوذ الإيراني وتعطيل أي مسعى لتثبيت هذا النفوذ سياسياً في بغداد. وقد أكدت أحداث البصرة وعرقلة تشكيل الحكومة هذا الأمر، خصوصاً بعدما أعلن البيت الأبيض توسيع المواجهة مع إيران في مواقع نفوذها في الإقليم لمحاصرتها من الخارج، داعياً حلفاءه إلى مجاراته في هذه الخطوة وإلا أصبحوا في موقع الخصوم، مثلما حصل مع أوروبا وتركيا والصين التي لوحت بعدم التزامها هذا الأمر.

أسفرت الضغوط الأميركية على الحلفاء تراجع بعض منهم، وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي واضحاً جداً عندما أعلن أنه لن يخرق الحصار الاقتصادي على طهران «حفاظاً على مصلحة العراقيين»، وإن تراجع في ما بعد. لكن تصريحه أحرق جزءاً من البصرة وكادت الحرب الأهلية تشتعل من جديد في هذه البلاد التي نهبت خيراتها وأفقر شعبها.

 

المناورات الأميركية المشتركة مع «مغاوير الثورة السورية» تؤكد، من جديد، عزم واشنطن على منع «محور المقاومة» من تكريس تحالفه، بدءاً من إيران وانتهاء بلبنان، عبر العراق وسورية، وإن لزم الأمر إشعال حروب أهلية بالوكالة بين مكونات هذه الدول الجاهزة للاقتتال دائماً.