الحرب الاميركية – “الاسرائيلية” على المنطقة، هي حرب استعمار جديدة على المشرقيين، تستهدف الانسان والارض والتاريخ والحضارة والجغرافيا والقيم، هي حرب وجود “نكون او لا نكون”، حيث هب كل العالم دفاعا عن كيان مجرم بمجرد قيام ١٠٠٠ مقاتل فلسطيني بعملية عسكرية ردا على ارتكاباته، ونجحوا بايمانهم في قهره واذلاله وهزيمته وتعريته، ومن خلاله كل التكنولوجيا الاميركية والفرنسية والبريطانية، وبالتالي فان الصفعة التي وجهتها حماس ومحور المقاومة هي صفعة للعدو الاسرائيلي اولا ومعه اميركا وفرنسا وبريطانيا وكل من يدور في” ركب” هذه الدول.
وحسب مصادر متابعة وعليمة، فان المواجهة طويلة وأفق التسوية مسدود حاليا، في ظل غياب وسيط عادل قادر على الوصول على وقف لاطلاق النار. فواشنطن ومعها فرنسا وبريطانيا شركاء في الجريمة، روسيا والصين تدعمان محور المقاومة بخجل، الدول العربية غير فاعلة وضائعة وغير مؤثرة ولا تخرج من الفلك الاميركي، تركيا ” اجر بالبور واجر بالفلاحة”، ايران رأس الحربة في المواجهة، الامم المتحدة مغيّبة ويتعرض امينها العام لاشرس هجوم بمجرد انتقاده لكيان العدو. وفي ظل هذا “الستاتيكو” فان وقف النار بعيد ومستحيل، ولا أفق له في المدى المنظور، ولاخيار امام “اسرائيل” الا التصعيد ورتكاب المجازر والابادة، لتحقيق انجاز عسكري او تنفيذ اغتيالات بغطاء شامل من اميركا وفرنسا وبريطانيا، ودعم الهجوم البري والسيطرة على مناطق معينة في شمال غزة، يضاهي انتصار حماس في عملية طوفان الاقصى ولو على الورق، وهذا الانجاز اذا تحقق يسمح للعدو بالنزول عن الشجرة والتفاوض، واذا فشل خلال الاسبوعين المقبلين في خرق خطوط دفاع محور المقاومة في غزة، فان المنطقة ستدخل حتما في مرحلة من المتغيرات الجذرية الكبرى لمصلحة الشرق العربي الجديد، شرق حسن نصرالله ومحمد الضيف ويحيى السنوار على حساب شرق نتنياهو وبايدن وماكرون وكل الحاشية،” شاء من شاء وابى من ابى”، وتكون “اسرائيل” قد كتبت البداية لنهايتها.
وحسب المصادر العليمة فان هذا المشهد الجديد ” صبر ساعات”، ويخطه شهداء فلسطين وجنوب لبنان، شهداء الطريق الى القدس. وبالتالي فان المنطقة امام مأزق حقيقي وجدي لاول مرة منذ نكبة فلسطين، فواشنطن ومعها “اسرائيل” امام مشكلة مستعصية انهما لا تستطيعان التقدم، وفي الوقت نفسه لا تستطيعان التراجع، اذا تقدمتا وواصلتا المجازر فان المنطقة على صفيح ساخن، وعندئذ ستتوسع ساحة المعركة والحرب، بالاضافة الى موجة غليان تعم الشارع العربي وتهدد الانظمة بوجودها، بالتزامن مع تظاهرات عالمية، وفي الوقت نفسه اذا تراجعت “اسرائيل” دون انجاز سينتهي هذا الكيان ويفقد دوره ومبرر وجوده، والسؤال عندئذ: الى اين ؟
وحسب المصادر العليمة، فان الوقت ليس لمصلحة “اسرائيل”، والاسبوعان المقبلان حاسمان وسيشهدان تصعيدا عسكريا من جنوب لبنان وصولا الى غزة، وقد تتدحرج الامور الى حرب شاملة في ظل “الجنون الاسرائيلي”، والدعم الشامل لنتنياهو من كل القوى السياسية والنخب، لتغطية حربه وتحقيق انجاز عسكري يطمئن “الاسرائيليين” على مستقبل كيانهم، والا فان نتنياهو ورئيس “الموساد” الى السجن حتما، و “اسرائيل” الى ادوار ثانوية وهامشية، والقبول بالحلول والتنازلات القاسية بشروط الآخرين وليس بشروطها، والمشهد الجديد مرهون بالاسبوعين المقبلين وسير العمليات العسكرية.
واشارت المصادر العليمة الى ان هناك في لبنان من لا يريد رؤية المشهد الجديد، والتعاطي بالمناكفات والافق الضيق، وسها عن بال هؤلاء ان التأسيس لهذا المشهد العربي الجديد بدأ في لبنان عام ١٩٨٢، واستكمل عام ٢٠٠٠ بتحرير الجنوب، وما بينهما آلاف العمليات البطولية وآلاف الشهداء الذين فتحوا الطريق الى كل هذه الانجازات الى القدس وكل فلسطين، وصولا الى ٢٠٠٦ و٢٠٢٣، وادار هذه المرحلة السيد حسن نصرالله بكل استثنائية مدعوما من حافظ وبشار الاسد وايران. فيما جسّد مقاتلو الضفة وغزة تحديدا، اعظم الانجازات وقدموا معظم قياداتهم شهداء على طريق فلسطين، ولم يتعرض شعب في العالم لما تعرض له شعب غزة، لكن هذه التضحيات لم تذهب سدى، وهي وراء الانجازات التاريخية الاخيرة وطوفان الاقصى، وبات حلم تحرير فلسطين امرا واقعا وملموسا اكثر من اي يوم مضى.