Site icon IMLebanon

لبنان ليس معنيا بأي إتفاق جانبي وورقته تُطالب بوقف العدوان والحفاظ على السيادة اللبنانيّة

 

 

يترقّب لبنان نتائج محادثات المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين في «تلّ أبيب» التي وصلها مساء الأربعاء، والردّ «الإسرائيلي» على الورقة اللبنانية التي جرى الإتفاق عليها بين المفاوض اللبناني وهوكشتاين، وبقيت تفاصيلها «طيّ الكتمان». ويبدو أنّ الأسبوع المقبل سيكون حاسماً لجهة معرفة مصير الورقة الأميركية التي سُميت «تفاهماً» وليس اتفاقاً، بشأن قدرتها على تحقيق وقف إطلاق النار بين حزب الله و”إسرائيل»، وتطبيق نقاطها الـ 13 خلال الأيام والأسابيع المقبلة، أو نسفها من قبل رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الذي يُجري حسابات الربح والخسارة. وقد صدر تزامناً مع اجتماعه بهوكشتاين الخميس، عن المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقاله ووزير أمنه السابق يوآف غالانت لارتكابهما «جرائم حرب» في قطاع غزّة. الأمر الذي قد يؤثّر على قرار نتنياهو المتخذ، ويدفعه ربّما الى الموافقة على إنهاء الملف اللبناني، ليتفرّغ لملف غزّة، وإيران، والوضع الداخلي، وقضايا محاكمته في كلّ من محكمتي العدل والجنائية الدوليتين بجرائم الإبادة الجماعية ضدّ الشعب الفلسطيني.

 

مصادر سياسية مطّلعة على حركة هوكشتاين المكوكية أكّدت أنّ المقترح الأميركي ينصّ عملياً على آلية تقنية وتطبيقية للقرار 1701، وهو ليس اتفاقاً دولياً جديداً يعقده لبنان مع «إسرائيل»، إنّما يُشبه أحد التفاهمات السابقة. ولبنان من جهته أعطى الحدّ الأقصى مّما يُمكن تقديمه من تسهيلات للتوصّل الى وقف إطلاق النار وإنهاء العدوان «الإسرائيلي» عليه، على ما قال رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي. كما أظهر الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم مرونة خلال كلمته الأخيرة.

 

وإذ جرى التكتّم على تفاصيل الورقة الأميركية، كما على الصيغة اللبنانية، تقول المصادر إنّ إبقاء هوكشتاين على المفاوضات «سريّة»، أو بعيدة عن الإعلام، هو أمر إيجابي يُساهم في إنجاحها، وقد التزمت به جميع الأطراف المعنية إذ لم يتمّ تسريب مضمونها، باستثناء الحديث عن بعض النقاط العالقة فيها، والتي تتمّ مناقشتها… وثمّة مؤشّرات جيّدة أخرى أظهرت جديّة هذه المفاوضات، منها اللقاء الذي جمع هوكشتاين بوزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الأقرب الى نتنياهو، فور وصوله الى «تلّ أبيب»، وقبل اجتماعه برئيس الحكومة. وهذا يعني أنّ الإتفاقية في طريقها الى أن تُثمر. أمّا إذا كان نتنياهو سيُوافق على وقف إطلاق النار، وباتفاق قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي جو بايدن، أم في بداية عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، فهو أمر يعود له.

 

غير أنّ المعلومات تشير الى أنّ «إسرائيل» تريد من هذا الإتفاق، تأمين أمن المستوطنين لدى عودتهم الى منازلهم، من خلال ليس فقط إنشاء منطقة خالية من السلاح، إنّما أيضاً من السكّان عند الحدود الشمالية (بالنسبة اليها)، وعلى مساحة كيلومتر أو أكثر في العمق اللبناني. وإذ يتحدّث الإعلام العبري عن أنّ نتنياهو يريد وقفاً مؤقّتاً لأطلاق النار لمدة 60 يوماً، أي حتّى تسلّم ترامب السلطة في 20 كانون الثاني المقبل، لكي يتمكّن عندها التصرّف كما يشاء، تلفت المصادر الى أنّ لبنان يريد وقفاً كاملاً لإطلاق النار وانسحاباً فورياً للقوّات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية، ومن ثمّ البدء بتنفيذ بنود الورقة الأميركية المتفق عليها، والتي تستند الى بنود القرار 1701. على أنّ «الإسرائيلي» يطرح إنسحابات مجزّأة لقوّاته على ثلاث مراحل، أي أن تتطلّب كلّ مرحلة 20 يوماً للإنسحاب من كلّ قطاع، وأن يحلّ الجيش اللبناني مكانها.

 

كذلك أشارت المعلومات الى أنّ عملية إعادة سكّان المستوطنات الشمالية الى ديارهم قد انطلقت، من خلال بدء تركيب منصّات للمراقبة فيها، ما يشير الى نيّة «إسرائيل» في التوصّل الى وقف لإطلاق النار مع لبنان، وإلّا فهي لن تفعل ذلك من دون أي إتفاق… وإذ يُشدّد لبنان على وقف العدوان «الإسرائيلي» على لبنان، والحفاظ على السيادة الوطنية في أي اتفاق أو تفاهم مع العدو، تعتبر المصادر نفسها أنّ 90 % من نقاط الورقة قد تمّت الموافقة عليها، يبقى 10 % فقط. رغم ذلك هناك خشية من تفجير المفاوضات، من خلال إصرار «الإسرائيلي»، على ما يعتبره لبنان خطّاً أحمر، ويتعلّق بحرية عمل سلاح الجوّ الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية في حال وجد أنّ هناك انتهاكاً لوقف إطلاق النار، ولم تقم لجنة المراقبة بكشفه أو معالجته. وهناك من يقول بأنّ نقطة «حقّ الدفاع عن النفس» تضمّ عبارة فضفاضة قد تستخدمها «إسرائيل» لشنّ حرب جديدة على لبنان متى تشاء، وتحت حجّة الدفاع عن النفس. وقد تفشّل التفاهم وتنسفه برمّته.

 

ولكن هذا الأمر تعطيه الولايات المتحدة الأميركية لـ «إسرائيل» في ملحق مُرفق بالإتفاق، أو ما سُمي بـ «إتفاقية جانبية»، كضمانة لإعطاء الضوء الأخضر لها في حال حصول أي خرق أو تهديد لها، أو حتى لمساعدتها في لجمه. غير أنّ لبنان، وفق المصادر نفسها، ليس معنياً بأي إتفاق جانبي، بل بالإطار التطبيقي للقرار 1701 الذي جرى الإتفاق عليه مع هوكشتاين. وفي ما يتعلّق بلجنة الإشراف على تنفيذ الإتفاق، فإذا كان «الإسرائيلي» سيصرّ على وجود كلّ من بريطانيا وألمانيا فيها، على ما أوضحت، فإنّ لبنان لن يُمانع سيما وأنّ ألمانيا تقود القوة البحرية في قوّات «اليونيفيل» منذ العام 2006. ولكنه سيُطالب في المقابل بإدخال دول عربية فيها هي مصر والأردن، والإمارات. لكنّ هذا الأمر إذا ما تطلّب قراراً جديداً من مجلس الأمن الدولي، فهو لن يأخذ طريقه الى التنفيذ في الوقت الراهن.

 

من هنا، فإنّ الصيغة النهائية التي ستصل الى برّي، من هوكشتاين من خلال عودته الى بيروت، إذا تطلّب الأمر ذلك، أو من خلال إطلاعه عليها عبر اتصال هاتفي، هي التي ستبني الدولة اللبنانية عليها موقفها النهائي. ويقتصر الردّ المنتظرعلى قرار نتنياهو دون سواه، رغم اجتماع مجلس الوزراء الأمني مساء أمس للتصويت على موقفه من الإتفاق. ويبدو أنّ نتنياهو لا يريد أن تنهار هذه الإتفاقية لأنّه مع وقف إطلاق النار، لكنه أيضاً ليس في صدد التسرّع، وبإمكانه انتظار 60 يوماً بعد. وفي حال وافق على وقف إطلاق النار، على ما تلفت المصادر، فهو لن يُمرّر الأيام والأسابيع المقبلة بسهولة، وفي حال رفض وقف النار، فسيكون هناك المزيد من الضغط والتصعيد سواء في محاولات التوغّل البريّ أو الغارات الجويّة التي قد تستهدف أماكن جديدة في بيروت. وكان الشيخ قاسم قد أرسل رسالة واضحة الى «الإسرائيلي»، مفادها أنّه في حال لم يُوافق على وقف النار، فإنّ المقاومة جاهزة للإستمرار في القتال، وقد استعدّت لمعركة طويلة.