IMLebanon

أسباب كثيرة والنتيجة واحدة… ماذا تخفي الـ 60 يوماً خلفها؟ 

 

 

وفق المقترح الأميركي، وبتعديلات راعت مطالب الجانبين، أبصر اتفاق هدنة الستين يوما بين “اسرائيل” وحزب الله النور، وحققت إدارة الرئيس جو بايدن إنجازاً ولو جزئياً، قبل مغادرته البيت الابيض في كانون الثاني المقبل، وتسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة، على يد وسيطها اموس هوكشتاين الذي دخل التاريخ اللبناني من حدثين: الاول ترسيم الحدود البحرية، والثاني وقف النار، ليغادر بانجازه البيت الابيض الذي زاره امس مودعا، في طريقه نحو الانتقال للاقامة في الامارات العربية، حيث مركز عمله الجديد.

 

وعلى وقع احتفالات النصر التي اقامها مناصرو الحزب وفرحة اهالي الضاحية والجنوب بالعودة الى قراهم ومنازلهم، وعلى وقع رصاص الابتهاج وكلمتي الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي بما تضمنتا من اشارات بالغة الدلالات، ازدحمت الساحة المحلية بالمواقف السياسية، حيث لم تخف اوساط ديبلوماسية مخاوفها من المرحلة القادمة، متقاطعة في ذلك مع ما نقل عن مرجعية روحية من قلق على المستقبل واعتبارها ان “الجد بلش هلق”.

 

وفيما تختلف القراءات للورقة التي تتألف منها بنود وقف العمليات العدائية، حيث لكل من الطرفين ورقته وتفسيره للالتزامات والموجبات المفروضة عليه، تستمر التحليلات والنقاشات، سواء داخل “اسرائيل” او خارجها، للاسباب التي دفعت برئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو الى اتخاذ قرار توقيف الحرب على الجبهة الشمالية، رغم ان الدوافع الثلاثة التي تحدث، قدمت تبريرا لم يقنع المستوطنين او المعارضة الداخلية.

 

وفي هذا الاطار يكشف مصدر ديبلوماسي اميركي اسبابا اربعة، “اجبرت” “بيبي” على حسم خياره، املا في كسب الوقت المطلوب لتمرير الفترة المتبقية من عمر الادارة الديموقراطية، وهي:

 

– اولا: رغبة “تل ابيب” في نقل الصراع الى الداخل اللبناني، في ظل الازمات التي يعاني منها لبنان، والتحديات التي تنتظره بعد الحرب، حيث تكشف مصادر ديبلوماسية ان تعويل حكومة تصريف الاعمال على الخارج في عملية اعادة الاعمار، لن تكون بالسهولة المتوقعة، في ظل “الحصار” الدولي – العربي المفروض، والذي لن يفك قبل “اصلاح الوضعين السياسي والاقتصادي، فضلا عن سعي “اسرائيلي” الى خلق اشكال وشرخ بين الجيش اللبناني وحزب الله من جهة، وبين السلطات الرسمية اللبنانية والمجتمع الدولي من جهة ثانية، خصوصا ان المحاولات التي قامت بها اليونيفيل في غضون الايام الماضية اعطت صورة لما يمكن ان تكون عليه الاوضاع.

 

– ثانيا: الضغط الكبير الذي تعرض له الجيش “الاسرائيلي”، بكل وحداته البرية والبحرية وخصوصا سلاح الجو، الذي استنزفت موارده في القتال على الجبهات السبع، فالحرب المستمرة منذ اكثر من سنة، تسببت في نقص كبير في مخزون السلاح، وهو “الجزرة” التي عرضتها واشنطن على “تل ابيب” كاغراء للسير في الاتفاق، خصوصا انها في حال قررت التعامل العسكري مع ايران، وهو ما المح اليه كل من بايدن ونتنياهو تحتاج الى الذخائر الخارقة للتحصينات، والى تعزيز قدرات منظوماتها المضادة للصواريخ هذا من جهة، ومن جهة ثانية الحاجة الى العنصر البشري، في ظل تخلف الحريديم عن الخدمة العسكرية، وما سببه ذلك من ازمة داخلية.

 

– ثالثا: مرتبط بان الاهداف الموضوعة لحرب الشمال تختلف كليا عن تلك المرتبطة بحرب غزة، حيث تسعى “اسرائيل” الى انهاء وجود حماس في القطاع بشكل كامل، عسكريا وسياسيا، فيما الهدف في جنوب لبنان يرتكز الى ابعاد ما يعتبره العدو خطر حزب الله عن سكان المستوطنات، لذلك كانت المرحلة الاولى من العمليات التي هدفت الى تدمير التحصينات وشبكة الأنفاق ومخازن الأسلحة، اما المرحلة الثانية فهدفت الى ابعاد المجموعات المضادة للدروع والتي الحقت اضرار كبيرة وجسيمة في المستوطنات والمواقع العسكرية، الواقعة ضمن حدود الـ 15 كلم من الحدود، وكذلك بالمدرعات “الاسرائيلية”، والوحدات الصاروخية، المكونة من الصواريخ “العمياء” القصيرة المدى التي نجحت في اعماء منظومات الدفاع الجوي واستنزافها فاتحة المسارات امام المسيرات والصواريخ المتوسطة والباليستية، وهي امور فشل الجيش الاسرائيلي في تحقيقها في المرحلتين.

 

– رابعا: سياسي بامتياز، نابع من خوف “إسرائيل” من أن تتصرف إدارة بايدن المنتهية ولايتها على غرار إدارة سلفها باراك اوباما الذي سمح بتمرير القرار 2334 الملزم في مجلس الامن ، وهو يدين الاستيطان في الضفة الغربية، انتقاما من اصطفاف “تل ابيب” الى جانب الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

 

وتشير المصادر الى ان هذه الاسباب لم تقنع الداخل “الاسرائيلي”، وتحديدا سكان الشمال الذين يشكلون كتلة وازنة في الانتخابات، خصوصا ان القرار الحكومي الصادر قضى بتأجيل عودتهم الى مستوطناتهم لاشهر، وهو ما يطرح علامات الاستفهام، من ضمن سلسلة من علامات الاستفهام حول اكثر من تدبير “اسرائيلي” تتكتم “تل ابيب” عن اسباب اتخاذها.