Site icon IMLebanon

لبنان قد يُوافق على المقترح الأميركي في حال تضمّن تعديلات منطقية لا تتجاوز القرار 1701 

 

 

يُبدي رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، الذي يجري التفاوض معه باسم لبنان بشأن وقف إطلاق النار، تفاؤلاً حول إمكانية التوافق على المقترح الأميركي، الذي سبق وأن تسلّمه من السفيرة الأميركية ليزا جونسون، رغم أنّ «النصّ المقدّم غير مقبول لبنانياً»، كما قال، «فالشغل ماشي، والجو إيجابي والعبرة في الخواتيم». وقد يُوافق لبنان على المقترح في حال تمّ إدخال بعد التعديلات على البنود التي يرفضها فيه، أو العودة الى نصّ القرار 1701 والتوافق على تطبيق بنوده تدريجاً.. فلبنان جاهز ومستعدّ لتنفيذ القرار المذكور، وقد أبدى نواياه للتطبيق فوراً، في ما يرفض مسألة تأليف لجنة إشراف على تنفيذ القرار 1701، تضمّ عدداً من الدول الغربية ولا سيما ألمانيا وبريطانيا.

 

وإذ نفى برّي أن يكون المقترح المؤلّف من 13 بنداً يتضمّن «أي نوع من الحركة للجيش الإسرائيلي في لبنان»، سيما وأنّه «أمر غير مقبول، ولا يُمكن للبنان أن يقبل بأي مسّ بسيادته»، يخشى لبنان في الوقت نفسه، على ما تقول مصادر سياسية مطلعة، من أن تقوم «إسرائيل»، كما عادتها، على التحايل على القرارات والإتفاقات التي تعقدها مع الدول الأخرى. فالمقترح الذي يُطالب بـ «ضمانات بعدم حصول أي إعتداء «إسرائيلي» على لبنان برّاً وبحراً وجوّاً»، وهو أمر ينصّ عليه القرار 1701، يتضمّن عبارات مطّاطة قد تستغّلها «إسرائيل» لصالحها. فهو، على سبيل المثال، يُعطي لبنان و”إسرائيل» «حقّ الدفاع عن النفس إذا لزم الأمر». وقد تتلاعب «إسرائيل» فتستفيد من هذه العبارة المقترحة، لتقوم بالتحرّك لدى التنفيذ على ما يحلو لها في لبنان برّاً وبحراً وجوّاً بحجة «الدفاع عن النفس»، التي تستخدمها أمام المجتمع الدولي دائماً ، لا سيما منذ بدء الحرب على غزّة ولبنان، وحتى يومنا هذا.

 

أمّا في ما يتعلّق بلجنة المراقبة للإشراف على تنفيذ القرار 1701 ، التي تضمّ عدداً من الدول الغربية ، لا سيما كلّاً من بريطانيا وألمانيا، فأوضحت المصادر أنّ أسباب رفض لبنان لها، كما توسيعها والإكتفاء بأميركا وفرنسا، يعود لأمور عدّة أهمّها:

 

– الأول: عدم ذكر القرار 1701 على وجود لجنة مراقبة لتنفيذ بنوده. فهناك آلية واضحة فيه.

 

يتمسّك لبنان بتطبيقها تعطي قوّات «اليونيفيل» أمر تطبيق القرار المذكور منذ صدوره في العام 2006 ، بدلاً من البحث عن آلية بديلة لا يُوافق عليها لبنان.

 

– الثاني: خشية لبنان من انحياز ألمانيا وبريطانيا الى «إسرائيل»، خلال عملية المراقبة (التي يرفضها أساساً). فقد كان للبنان أخيراً تجربة غير مشجّعة مع الكتيبة الألمانية في القوّة البحرية التابعة لقوّات «اليونيفيل»، رغم نفيها تسهيل عملية الإنزال «الإسرائيلي» عند شاطىء البترون، والتي أدّت الى اختطاف المواطن اللبناني عماد أمهز. كذلك فإنّ بريطانيا غالباً ما تدعم وتشجّع «إسرائيل» عسكرياً، كما في القرارات التي تتخذها ضدّ دول المنطقة.

 

– الثالث: عدم ورود في النصّ أي اقتراح حول إمكانية تطعيم مثل هذه اللجنة التي ستُشرف على تنفيذ القرار 1701، أي دولة من الدول العربية الصديقة للبنان، لا سيما إذا ما كان الهدف من إنشائها هو إعطاء ضمانات للطرفين. وهو الأمر الذي سيضعه لبنان في ورقة الملاحظات التي سيُسلّمها خلال الساعات المقبلة الى الولايات المتحدة الأميركية.

 

وعن نشر قوات «أطلسية» أو غيرها في لبنان، فقد نفى برّي تضمّن المقترح الأميركي هذا الأمر، إذ ينصّ على تعزيز وتفعيل دور «اليونيفيل»، (وهنا ثمّة تساؤلات عدّة حول مدى تعزيز هذا الدور وتفعيله). علماً بأنّه يؤيّد بشكل واضح أن يتولّى الجيش اللبناني عملية المسح لعدم وجود أسلحة خارج سيطرته في الجنوب، لا سيما بعد تعزيز قدراته البشرية والعسكرية.

 

وإذ يبدي لبنان حسن نواياه في تطبيق القرار 1701، تتساءل المصادر السياسية، عمّا إذا كان لدى الولايات المتحدة و”إسرائيل» أي نوايا فعلية بوقف إطلاق النار في لبنان، قبل تسلّم الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة، لا سيما مع التصعيد الأمني الأخير الذي طال مناطق عدّة في الضاحية الجنوبية، وصور والنبطية، فضلاً عن عودة مسلسل الإغتيالات، على ما يبدو من خلال اغتيال مسؤول الإعلام في حزب الله محمد عفيف في غارة طالت مركز حزب البعث، وسط بيروت؟

 

فالتهديدات المستمرة على وتيرة تصاعدية، وإمعان العدو في عملياته العسكرية من خلال ما يقوم به من تدمير وحشي ممنهج للقرى والبلدات، لا يشيران الى أنّ أميركا وحليفتها في المنطقة تريدان إنهاء الحرب لا في لبنان ولا في غزّة. كما أنّ ترامب ليس في صدد إهداء الرئيس جو بايدن نصراً في نهاية عهده. لهذا تبدو الصفقة بعيدة المنال، بغضّ النظر عن الأجواء الإيجابية التي تُشاع من حولها.

 

والولايات المتحدة تنتظر حالياً ردّ لبنان الخطّي على المقترح المقدّم، وفق المعلومات، لكي تبني على الشيء مقتضاه، سيما وأنّ «إسرائيل» موافقة عليه، لا بل هي التي ساهمت في وضعه مع هوكشتاين. وذكرت المصادر بأنّه إذا وجدت أنّ ثمّة أملاً في حصول تسوية ما، تُرسل المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان، لمتابعة النقاشات والمفاوضات. ويجري الحديث عن زيارة للمبعوث الأميركي الى لبنان والمنطقة يوم الثلاثاء أو الأربعاء. ما يعني أنّ الإدارة الأميركية ماضية في محاولتها حتى الربع ساعة الأخير من عهدها. لكنّ عودة هوكشتاين المرتقبة خلال يومين لا تعني حتماً وقف إطلاق النار، سيما وأنّ وتيرة التصعيد ترتفع أكثر فأكثر عشية هذه العودة، بدلاً من انخفاضها إذا كان الهدف منها فعلاً التوصّل الى وقف لإطلاق النار في لبنان..