مهما صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب في لهجته ضد النظام السوري وحلفائه ابرزهم روسيا فهو لن يتمكن من تغيير مسار الامور العسكرية والسياسية في سوريا. على الارجح ستكون العملية الاميركية واسعة النطاق هذه المرة وستستهدف قواعد عسكرية عدة، الا ان هذه الضربة الاميركية لن تقلب ميزان القوى الذي هو في دفة الرئيس بشار الاسد ولن تبدل الانتصار الميداني الذي حققه الجيش العربي السوري بمساندة الطيران الروسي في انحاء سوريا. بيد ان هذه العملية ستقتصر على اجراءات تأديبية لا اكثر من دون ان تتوسع وتتحول من ضربة الى حرب. فالنظام السوري باق وعلى رأسه بشار الاسد والعملية السياسية تمسك بخيوطها موسكو لا واشنطن وهذا يؤكد ان الدور الاميركي محدود في سوريا وهو غير قادر على تغيير قواعد اللعبة.
هذا وموقع المعارضة السورية لن يتحسن جذرياً سواء ميدانياً او سياسياً فالمعارضة بالكاد بامكانها الحفاظ على مناطق سورية تقع تحت نفوذها وهي ادلب وجزء من ريف حلب وريف حماه الى جانب سيطرة داعش على بعض الجيوب الواقعة على الحدود السورية – العراقية.
اذاً العملية العسكرية الاميركية تندرج في خانة الضربة المحدودة لايلام النظام السوري بعد الهجوم الكيماوي المزعوم الذي وقع في دوما والذي لم يكشف بعد عن هوية الجهة التي نفذت هذا الهجوم. نعم، هذه العملية هي لايلام الاسد ولكن ليس لاسقاطه كما ليست لتعزيز وضع المعارضة السورية التي لن تستفيد سوى معنويا من الضربة الاميركية لبعض المواقع للنظام السوري.
طبعاً واشنطن لا تسعى لاسقاط الاسد ليس حباً به بل لأن الزمن تغير ولم يعد احاديا، بعد ان برزت روسيا كقوة عظمى قادرة على صدّ طموحات الولايات المتحدة وتقليص ردات فعلها في سوريا وفي دول اخرى. بمعنى اخر، وجود روسيا في سوريا عبر عدة قواعد عسكرية لها، احبط مشروع واشنطن التوسعي في سوريا وشكل رادعاً لها وباتت اميركا بقيادة ترامب رغم الوعيد والتهديد غير قادرة على الاطاحة بالاسد وعاجزة عن تنفيذ اجندتها في بلاد الشام. كما ان روسيا عبرت انها لا تسعى الى مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة ولكنها لا تخشاها وهي على كامل الاستعداد للتصدي لاي هجوم اميركي.
من هنا، الضربة الاميركية المحتملة على سوريا سيكون لها تداعياتها السلبية طبعا، وذلك لا يمكن نكرانه او تجاهله، ولكن في الوقت ذاته ستتصدى روسيا لها كما النظام السوري وهذا ما يجعلها محدودة النطاق والافق.