Site icon IMLebanon

عندما تُحاول أميركا تلميع صورتها المُلطخة بدماء أطفال غزة… 

 

لعلّها أكثر المرّات التي تلتصق بها صورة الكيان الصهيوني بالولايات المتحدة الأميركية، صورة إسرائيل المتوحشة المجرمة الملطخة بدماء الفلسطينيين أصابت أميركا بشكل مباشر خاصة وبعد أن باتت كل الإتهامات موجَّهة إليها بأنها هي مَن يَشن الحرب وهي مَن يَرفض وقف إطلاق النار بإعلان واضح وصريح، إلا أن واشنطن لا تستطيع أن تُكمِل بالنهج ذاته بعد انتشار صور المجازر الصهيونية التي قلبت الرأي العام العالمي ضدها مما أحرجها، وهنا بدأ الحديث عن هدنة إنسانية صوَرية بالتنفيذ تُقيم من خلالها أميركا حفلة علاقات عامة مُحاوِلة إعادة صورتها الإنسانية التي هي بالأساس مُزيّفة…

 

أرادت أميركا من خلال إعلان الهدنة تحقيق أمريْن،

 

الأول: التخفيف من ضغط الرأي العام العالمي الذي سبّبته المجازر الصهيونية.

 

الثاني: إخراج الأسرى مِن حاملي الجنسية الأميركية.

 

ولتحقيق ذلك، إقترح الأميركي هدنة لثلاثة أيام لم يَقبل بها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو لسببين، الأول: إن إدخال المواد الأولية الطبية والغذائية سيُفشِل خطة نتنياهو في الضغط على الشعب وبالتالي يقوّي عوامل الصمود عنده وعند المؤسسات الإنسانية، لأن الهدف الحقيقي من الضغط على أهالي غزة إخراجهم حتى من منطقة الجنوب.

 

الثاني: الخوف الأساسي الذي عبّر عنه نتنياهو والذي أتى على شكل سؤال حول كيف ستكون صورة “إسرائيل” بعد الهدنة؟ بمعنى أنه بحال دخل خلال الهدنة مؤسسات دولية لإخراج الضحايا والإطلاع على حقيقة المجازر ميدانياً، سيتم بذلك ضرب لكل التعمية والبروباغندا الإسرائيلية التي حاولت أن تُغطي فيها عملياتها الإجرامية.

 

المخاوف الإسرائيلية هي التي أدّت الى تقليص مدة الهدنة التي أعلن عنها الرئيس الأميركي من ثلاثة أيام الى أربع ساعات، اختلف الطرفان على تقديمها للرأي العام العالمي، فالأميركي يقول إنها في شمال غزة بينما الإسرائيلي يقول إنها في مناطق مُحدَّدة في شمال القطاع لأنه عندما يرتكب مجازره يقول إنها لا تشمل مناطق الهدنة.

 

يُحاول الأميركي من خلال هذه الهدنة أن يُبرّأ نفسه من الجرائم الصهيونية ويُقدِّم نفسه على أنه أقدم على خطوة إنسانية بينما في الواقع أنه خلال الهدنة ليس هناك أي ضمانة إسرائيلية بعدم الإعتداء على الفلسطينيين. وهذا ما يؤكد على أن غاية الولايات المتحدة الأميركية هي القيام بخطوة إستعراضية لتحقيق أهدافها ومحاولة لتحسين صورتها وإظهار نفسها كدولة حامية لحقوق الإنسان على خلاف ما يراه العالم في غزة.

 

صحيح أن للرأي العام العالمي دوراً وتأثيراً في زعزعة الموقف الأميركي وإظهار بعض الفروقات بينه وبين الإسرائيلي، إلا أن ذلك لا يشمل الموقف العربي في القمة المرتقبة في الرياض لأن أميركا في الأساس تضمن عدم صدور أي موقف تصعيدي بوجهها وتعلم جيداً أن داخل القمة هناك مَن سيُفشِل أي بيان تصعيدي في حال فكّر أحد بذلك رغم خشيتهم من الخطط الأميركية المقبلة والتي قد تطالهم.

 

إذاً، تريد أميركا أن تُلمِّع صورتها الملطخة بدماء أطفال غزة مع “إسرائيل” التي تُريد أن تُحقِّق صورة انتصار واحدة في غزة، تماماً كما سعت بحرب تموز ٢٠٠٦ في جنوب لبنان وفشلت، فلا الأميركي يستطيع أن يُبرّأ نفسه من دماء الفلسطينيين ولا العدو الإسرائيلي يستطيع الوصول الى هذه الصورة باعترافه، فهو ليس بمقدوره أن يُغيِّر أبسط الأمور في غزة فكيف بالواقع الإستراتيجي فيها؟!! خاصة وأنه لا زال مُصاباً بالفوبيا من سقوط قتلى له لذلك لن يتمكّن من تحقيق أي نصر عسكري.