IMLebanon

«مجموعة العمل الاميركية» تبلغّت تأكيد لبنان رفضه المطلق للتوطين

 

بدأت «مجموعة العمل» المكلّفة من الكونغرس الأميركي بدراسة الوضع في سوريا برئاسة السفير فريديريك هوف محادثاتها من لبنان للإطلاع على تداعيات النزوح السوري عليه، ولمعرفة ما إذا كان يُمكنها التوصّل الى أي أمر جديد فيما يتعلّق بوضع النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين على أرضه… وتقول مصادر سياسية مطّلعة بأنّ جولة الوفد الأميركي على لبنان ودول المنطقة لاحقاً، تتزامن مع إطلاق الشقّ الإقتصادي من «صفقة القرن» في مؤتمر المنامة في البحرين، وربما أتى ذلك عن قصد كون الإدارة الأميركية تتحضّر لإطلاق الشقّ السياسي منها. كما تترافق مع سعي الإدارة الأميركية عبر وسيطها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد الذي سيخلفه ديفيد شينكر قريباً، بدء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبريّة مع العدو الإسرائيلي، سيما وأنّ هوف هو صاحب «خط هوف» المرسّم منذ الإنسحاب الإسرائيلي في العام 2000، ومقترح تقاسم المثلث البحري المتعدّى عليه بين لبنان والجانب الإسرائيلي.

 

وتقول المصادر بأنّ ما سمعته المجموعة من المسؤولين السياسيين عن أنّ «عودة النازحين السوريين الموجودين في لبنان لا يُمكن أن تنتظر تحقيق الحلّ السياسي للأزمة السورية الذي قد يتطلّب وقتاً بسبب التجاذبات الدولية حيال الوضع السوري، لا سيما وأنّ موجة النزوح السورية تركت تداعيات سلبية على القطاعات اللبنانية كافة، وأنّه على الأمم المتحدة أن تُقدّم مساعداتها للنازحين داخل الأراضي السورية وليس خارجها وذلك لتشجيع السوريين على العودة وإعادة إعمار بلادهم»، هو موقف لبنان الرسمي الذي لن يتغيّر، وإن أتت وفود أخرى الى لبنان من أي بلد آخر. فالقرار اللبناني بشأن إعادة النازحين السوريين الى بلادهم كحلّ أفضل لهم وللبنان واللبنانيين، هو موقف موحّد للحكومة اللبنانية، وإن تباينت داخلها بعض المواقف حول كيفية وآلية تحقيق هذه العودة، أكان بالتعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة أو مع السلطات السورية.

 

كما أبلغ الجانب اللبناني الوفد الأميركي، على ما أضافت، أنّ عملية إعادة النازحين التي قام بها الأمن العام اللبناني برئاسة اللواء عبّاس ابراهيم وبالتعاون مع السلطات السورية، قد ساهمت حتى الآن بإعادة نحو 200 ألف نازح سوري الى مناطقهم، وأنّه لم يصل لبنان أي أخبار عن تعرّض العائدين لأي مضايقات من أي نوع كانت، بل على العكــس أبدوا فرحتهم بالعودة الى وطنــهم.

 

وعلى هذا الأساس، فإنّ لبنان سيُواصل عملية إعادة النازحين على دفعات، لكنه في الوقت نفسه ينتظر مساعدة المجتمع الدولي له والأمم المتحدة في تحقيق العودة، بهدف التخفيف من معاناة النازحين، كما من الأعباء التي يتكبّدها لبنان جرّاء استضافتهم على أرضه.

 

وأوضح الجانب اللبناني أنّ سوريا باتت مستقرّة وآمنة، باستثناء محافظة إدلب وجوارها، الأمر الذي من شأنه تسهيل عودة الكثير من النازحين السوريين الى المناطق الأصلية التي فرّوا منها، وذلك لاستعادة حياتهم الطبيعية فيها، سيما وأنّ وضعهم في لبنان يسوء سنة بعد سنة، كما أنّ لبنان لم يعد باستطاعته استضافتهم لمدة أطول بعد. وجدّد المسؤولون أمام المجموعة الأميركية تأكيد الحكومة اللبنانية على رفض توطين أي من شعوب دول الجوار على أرضه (من اللاجئين الفلسطينيين أو النازحين السوريين) إذ يُمكنها العودة الى بلدانها ساعة تشاء نظراً لقرب المسافة، وإمكانية العودة برّاً من دون تكبّد مشقّات وتكاليف السفر.

 

ورأت الأوساط نفسها بأنّ وجود المجموعة الأميركية في لبنان، شكّل فرصة أمام المسؤولين، لرفض أي مقترحات حملتها «صفقة القرن» في شقّها الإقتصادي من حصول لبنان على 6 مليارات دولار من أصل 50 مليار دولار مخصّصة لدول المنطقة، سيما وأنّ لبنان يرفض «التوطين» الفعلي والمبطّن، بشكل قاطع. كما يرفض بالتالي «رشوته» أو إغرائه بالمال مقابل توطين اللاجئين الفلسطينيين حالياً، والنازحين السوريين مستقبلاً (أي في مرحلة لاحقة) على أراضيه، على ما تأمل الإدارة الأميركية كونه ليس بلد لجوء، كما أنّ أرضه ليست للبيع.

 

وذكرت المصادر بأنّ المحادثات تناولت أيضاً موضوع ترسيم الحدود البريّة والبحرية سيما وأنّ السفير هوف هو الذي قام بترسيم ما يُعرف بـ «خط الإنسحاب» أو الخط الأزرق»، وصاحب اقتراح تقاسم الرقعة البحرية المتنازع عليها بين لبنان والعدو الإسرائيلي، على أن يحصل لبنان على 60 % منها مقابل 40 % «لإسرائيل»، شرط ألا يبدأ العمل بها قبل التفاوض النهائي بشأنها. وسأل هوف عمّا وصلت اليه المفاوضات التي قادها ساترفيلد أخيراً بين لبنان و«اسرائيل»، وما أصبح عليه موقف كلّ منهما، فتمّ إبلاغه بعدم تغيير لبنان لموقفه الرافض للتنازل عن أي من حقوقه المشروعة، لا برّاً ولا بحراً.

 

كما أكّد لبنان على التزامه بالقرار الدولي 1701 وعدم قيامه بأي عمل لتوتير الأجواء عند الحدود الجنوبية ما لم يتعرّض من اعتداء أو تهديد من العدو الإسرائيلي. وشدّد على التزامه وتأييده لمبادرة السلام العربية التي أقرّتها قمّة بيروت في العام 2002، وليس على ما تنصّ عليه «صفقة القرن» الحالية التي تهدف، من وجهة النظر الأميركية، الى إحلال السلام والإزدهار في منطقة الشرق الأوسط، انطلاقاً من تأييده لحلّ الدولتين وليس لسيطرة إسرائيل على المنطقة.

 

وكان أعضاء الوفد الأميركي يُسجّلون ملاحظات المسؤولين اللبنانيين ومواقفهم، على ما لفتت المصادر، على أن يرفعوا في نهاية لقاءاتهم تقريراً حول الأفكار والإقتراحات التي سمعوها فيما يتعلّق بحلّ الأزمة السورية وتداعياتها على دول الجوار، كما بترسيم الحدود وبردّة فعلهم على ما سُمي بـ «صفقة القرن» التي يُحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب تسويقها لتصفية كاملة للقضية الفلسطينية، ولكن عبثاً على ما يبدو.