ترحيب واسع برفع التحفّظ الخليجي عن بند «التضامن»
قمّة عمّان تُعيد لبنان إلى الحضن العربي
أفردت القمّة العربية التي انعقدت في المملكة الأردنية الهاشمية على مدى الأيام الماضية، حيّزاً مهمّاً من بيانها الختامي للإعراب عن الوقوف إلى جانب لبنان والتضامن الكامل معه وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي له، ولحكومته ولكافة مؤسساته الدستورية، بما يحفظ الوحدة الوطنية اللبنانية وأمن واستقرار لبنان وسيادته على كامل أراضيه. ونجمت عن هذه القمة سلسلة من المصالحات والتسويات والإنفراجات العربية – العربية، كان للبنان حصة مميزة منها تمثلت برفع التحفظ الخليجي عن بند التضامن معه، والذي أقرّه القادة العرب أول من أمس، من دون أي تحفظ أو اعتراض. وجاء ذلك بعد جهود حثيثة قام بها العهد والحكومة اللبنانيان، بحيث نضجت ثمارها وأنجبت توافقاً عربياً حول هذا البند، الذي زُفّت بشراه أثناء إنعقاد إجتماع وزراء الخارجية العرب الذي سبق موعد القمة بيومين.
مصدر رفيع في الوفد الديبلوماسي اللبناني الذي حضر إجتماع وزراء الخارجية العرب ومن ثم إجتماع القمة، شدد في حديث إلى «المستقبل» أمس على أن «القمة أعادت لبنان إلى الحضن العربي، ورفع التحفظ عن البند اللبناني يمثل «مكرمة» خليجية وعربية للبنان بمناسبة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وعودة الحياة إلى المؤسسات الدستورية»، مشيراً إلى أن «القادة العرب ومعهم الوفود المرافقة، عبروا في كواليس القمة عن ارتياحهم لعودة الحياة الدستورية الطبيعية إلى لبنان، وأنهم لم يكتفوا برفع التحفظ عن بند التضامن وإنما عبروا أيضاً عن تقديرهم لكلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي خاطب القادة العرب بالقول: أصبحت واحداً منكم».
وتوقّع المصدر «أن يترجم ما جرى في القمة خطوات متتالية باتجاه لبنان، تُعيد العافية إلى علاقاته مع العرب كما تُعيد العرب إلى لبنان كسواح ومستثمرين»، خاتماً بالقول: «إن لبنان لطالما استفاد من أجواء التضامن العربي، وقد زُفّت ساعة هذا التضامن اليوم».
في هذا السياق، أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب أمين وهبي في حديث إلى «المستقبل» على «أهمية عودة لبنان إلى الحضن العربي خصوصاً بعد إنتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري»، موضحاً أن «هذه العودة الرصينة تجلت بأبهى صورها في القمة العربية من خلال الوفد اللبناني الموحد ومن خلال خطاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي كان على مستوى عالٍ من الإتزان من خلال تأكيده على التزام لبنان بالمواثيق والقرارات الدولية وكذلك بميثاق جامعة الدول العربية».
ولفت إلى أن «توحيد الوفد اللبناني برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وبعض الوزراء أعطى نكهة فريدة وصورة واضحة للجميع بأن لبنان السياسي واحد موحد، وهذا ما أعاد التضامن العربي مع لبنان إلى ما كان عليه في وقت سابق، وهذا ما ظهر واضحاً من خلال مقررات القمة العربية التي تخللتها بنود كثيرة متضامنة مع لبنان ومؤسساته الشرعية، وداعمة له في ملف اللاجئين»، مشيراً إلى «أهمية الزيارة التي قام بها الرئيس سعد الحريري للرياض برفقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والتي هي دليل على دعم المملكة العربية السعودية للبنان وعودة العلاقات إلى ما كانت عليه في السابق وعودة لبنان إلى الحضن العربي».
بدوره، رأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جوزيف المعلوف، في حديث إلى «المستقبل» أن «تضامن الدول العربية مع لبنان في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها امر مهم وضروري خصوصاً وأن لبنان يواجه تحديات كثيرة لا سيما في ملف اللاجئين السوريين والفلسطينيين وهذا ما يكلف الخزينة مزيداً من الأموال وبالتالي زيادة الدين العام»، مشدداً على «أهمية هذا التضامن مع لبنان ومساعدته في تحمل هذه الأعباء».
وأكد أن «الحلحلة التي جرت في الداخل والتي تمثلت بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري أعطت ثقة أكبر بالبلد ودعماً سعودياً وخليجياً أكبر للبنان، وهذا ما تمثل في طريقة التعاطي مع الرئيس سعد الحريري حيث اصطحبه معه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الرياض»، مشيراً إلى أن «مقررات القمة تأكيد أكثر وأكثر على دعم لبنان في استعادة عافيته ودعم المؤسسات الشرعية، وهو ما يشكل دليلاً قاطعاً على أن الدول العربية بحاجة إلى رؤية لبنان سالماً معافى لأنه مثال للعيش المشترك في المنطقة». وأمل «إستمرار هذا الدعم للبنان في المرحلة المقبلة لكي يبقى وطن الرسالة والعيش المشترك ومركزاً لوحدة العرب والإنتماء إلى هذه الأمة».
من جهته، اعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب هاني قبيسي في حديث إلى«المستقبل» أن «التضامن العربي في أي مجال مفيد والوحدة العربية تعزز وجود العرب وحضورهم وتضامنهم مع بعضهم البعض»، مشدداً على أن «لبنان بأمسّ الحاجة إلى هذا التضامن خصوصاً أنه يعاني من المشاكل المحيطة في المنطقة لا سيما في سوريا وفلسطين، وهو بحاجة إلى هذا التضامن من أجل مساعدته على الصمود وتحمّل هذه الأعباء والإهتمام أكثر بضيوفه».
وأكد أن «لبنان ليس لديه القدرة الكافية لكي يهتم بهذه الأمور على أكمل وجه، فهو بحاجة إلى هذا التضامن معه وتضافر جميع الجهود من أجل مواجهة كافة الإستحقاقات المقبلة، مثلما العرب بحاجة أيضاً إلى التضامن والتكافل في ما بينهم من أجل مواجهة المشاكل والفتن والخلافات الموجودة في المنطقة».
وأشار عضو تكتل «التغيير والإصلاح»النائب سليم سلهب في حديث إلى «المستقبل» إلى أنها «المرة الأولى التي يُذكر فيها لبنان بهذا الشكل في المقرارات الختامية للقمة وهي المرة الأولى أيضاً التي يكون فيها إجماع عربي موحد على التضامن مع لبنان ودعمه سياسياً وإقتصادياً»، مشدداً على أن «هذا الأمر يعود إلى أهمية تضامننا مع بعضنا البعض وهذا ما أظهرته صورة الوفد اللبناني الموحد وذهاب فخامة الرئيس العماد ميشال عون ودولة رئيس الحكومة سعد الحريري سوياً إلى القمة والتفاهم على طريقة التعاطي ومخاطبة القادة العرب، حيث هي المرة الأولى التي يكون فيها لبنان طارحاً للحلول بدلاً من أن يكون مطالباً ومشتكياً، وهذا ما غيّر النظرة العربية إليه ودفع الدول العربية إلى الإجماع على التضامن معه ودعمه والذي سيكون له مردود إيجابي مستقبلاً على الصعيد السياسي والإقتصادي».