Site icon IMLebanon

«الجواب» داخل إيران..

لم يخطئ بداية، من افترض أن «عاصفة الحزم« هي في السياسة أكبر من الجغرافيا، وتأثيراتها استراتيجية وليست عابرة.

حدودها الميدانية الخاصة باستهداف الانقلاب الإيراني في اليمن ومواقعه وقواته وطرق امداداته، لم تحصر مفاعيلها التعبوية والسياسية والاستراتيجية بذلك الحيّز، وإنما أطلقتها باتجاه النكبة السورية أكثر من أي مكان آخر.

والأمر طبيعي، إذ ان تلك العاصفة جاءت ترجمة لقرار كبير يقضي بمواجهة التمدد الايراني والانفلاش الفظ والمكشوف لذلك الهيجان المذهبي والقومي، في ديار العرب والمسلمين.. والذي زرع في سوريا أول بذوره الخارجية باعتبارها، أيام حافظ الأسد، المعبر الالزامي الى لبنان قبل أن تصير، مع بشار الأسد، ذات قيمة استراتيجية في ذاتها، وصولاً الى اعتبار الحرب فيها «قضية حياة أو موت»، على ما نُقل مرّة عن «الولي الفقيه» في طهران!

والواضح أن الإيرانيين يشاهدون بعين متوترة ومنذ ثلاثين يوماً، انهيار انقلابهم في اليمن، ويشاهدون بالعين الأخرى تباشير الانهيار (الحرفي) لكل ما استثمروا فيه على مدى 30 عاماً وأكثر بقليل في سوريا.. أي أنهم يزدادون توتراً وصخباً وهيجاناً كلما أظهرت حساباتهم حاصل جمع يساوي الصفر.. وفي وقت «حرج»، حيث المفاوضات الخاصة بالمشروع النووي، لا تعني إلا نتيجة صفرية هي الأخرى.

.. أي أن الصفر المزدوج يساوي كارثة قومية صافية!

قيل الكثير عن أن البرنامج النووي كان فوق الانقسامات بين المحافظين والإصلاحيين، وأن حلمه دغدغ مجسّات العزّة القومية الفارسية، والتطلع العام الى امتلاك «قنبلة». ومن الطبيعي بعد ذلك، أن يؤدي نكوص هذا الطموح الى نكسة عامة وعابرة بدورها فوق الاصطفاف السياسي وانقساماته.. لكن يُقال الآن، ان الأدوار الخارجية المدّعاة، من اليمن الى سوريا، صارت بدورها محل إجماع «قومي»! ولم تعد ولاّدة أو سبباً لخلافات سياسية داخلية كبيرة أو صغيرة!

وبهذا المعنى يُفهم مثلاً، كيف أن شخصاً مثل الشيخ هاشمي رفسنجاني هاجم «عاصفة الحزم» والسعودية مثلما فعَلَ صقور المحافظين الذين وصل الأمر مع أحدهم بالأمس، وهو قائد «الحرس الثوري» اللواء جعفري الى تشبيه أرض الحرمين الشريفين، مهبط الوحي وموئل الرسالة والسلف الصالح، بإسرائيل.. هكذا بالحرف!

ما يعنيه ذلك ويؤشر عليه، هو أن إيران في أزمة كبرى، لكنها بدلاً من الارتداد على مسببيها الداخليين، تحمّل المسؤولية للخارج وتذهب في الغلوّ الى حدود طائشة وغير مفهومة. وذلك مؤداه مراكمة الخسران وليس أي شيء آخر! فليست السعودية ولا العرب ولا أكثرية المسلمين من رسم على مدى السنوات الماضية السياسات «النووية» والامبراطورية، وإنما قادتها وأولياء أمورها، وبالتالي فإن الجواب عن سؤال «الكارثة القومية المزدوجة»، موجود فيها وليس في خارجها!